التقيت يوما بالتاريخ المصرى شخصيًّا.
شعرت أننى أركب آلة الزمن، وانتقلت إلى زمن الفاطميين والمماليك، وأكاد أصافحهم أمام المقاهى وفى الحوانيت وعند أبواب الأسبلة وداخل الأزقة وباحة المساجد.
كنت يومها مع رائد عزازى، صديق طفولتى وواحد من أهم المرشدين السياحيين فى مصر، وفضلا عن ثقافته العميقة وعلمه الجامع يتمتع بخفة ظل مبدعة. قرر رائد تضامنًا معى بعد فصلى من جريدة «الدستور» وتحطيم التجربة تماما أن يصحبنى كمرشد فى جولة فى الجمالية والحسين، فى كل متر كان يحكى حكاية ويقص قصة ويقارن زمنًا بزمن وشخصًا بآخر، ويقود إلى واقعة ويروى سيرة تغمرك بالتاريخ المصرى، كأنك تستعيده، بل تعيش فيه!
لا أنسى أبدًا هذا اليوم الذى غمرتْنى فيه محبةُ العشرات من مواطنى المنطقة وأصحاب المقاهى والمحلات وعامليها والعابرين فيها، وتشاركت مع هدية صديقى أغلى مرشد سياحى بجولة مجانية فى آلة الزمن.
أرسل إلىَّ رائد عزازى منذ أيام بما كتبه على «الفيسبوك» من واقعة تاريخية كعادته تعيدنا مرة أخرى إلى آلة الزمن. كتب يقول:
«التاريخ يعيد نفسه! هذه العبارة يمكن تطبيقها على ما حدث ويحدث حاليا فى مصر...
فى العصر الفرعونى حكم مصر أمنوفيس الثالث، وكان حاكما قويا نعمت مصر فى عهده بالفتوحات والاستقرار.. ولكن طول فترة حكمه أصابت الحياة السياسية والدينية بالجمود.. بعد وفاته صعد إلى الحكم أمنوفيس الرابع (إخناتون) الذى أقنعه كهنته بأن السبيل الوحيد للسيطرة على الشعب هو تقديم دين جديد يكون هو وحده محتكره والوسيط بين الناس والآلهة.. فانقسم الناس إلى فئتين متنازعتين إحداهما مع العهد القديم والأخرى مع العهد الجديد، بينما التزم البعض الحياد، وأصبحت مصر على وشك حرب أهلية، خصوصا بعد أن نصب الكهنة حاكما جديدا ضعيفا جاهلا لا يعرف عن أصله شيئا بالتحديد، واسمه (توت عنخ آمون).. زادت الاضطرابات والمؤامرات الداخلية والخارجية، مما اضطر قائد الجيوش (حور محب) إلى التدخل وفرض السيطرة العسكرية على البلاد.. فى عهده نعمت مصر بالتقدم والازدهار».
ألا يمكن مقارنة ما فعله مبارك بأمنوفيس الثالث؟! ومقارنة المرشد وجماعة الإخوان بإخناتون وجماعته من الكهنة؟!.. ومقارنة مرسى بتوت عنخ آمون؟.. وأخيرًا مقارنة السيسى بحور محب؟! احكم بنفسك..
صحيح. احكموا أنتم.