ترى هل يمكنك، مهما بلغت ثقافتك، أن تستوعب منطق الإرهابيين؟! لو أنك إنسان طبيعى، فسترتسم فوق رأسك ألف علامة تعجب واستفهام، وأنت تسمع قاتلا وحشيا، انعدمت الرحمة من قلبه، وضاعت الشفقة من عقله، ومات الضمير فى مستنقع فكره، الذى قلب كل الأمور، ولوى كل الأوضاع، وغرق حتى أذنيه فى غياهب الشيطان الرجيم، وباع روحه له، وهو يتحدث طوال الوقت عن الدين، ويصف جرائمه الوحشية بالجهاد، محاولا تبرئة نفسه من سادية انتقامية جاهلة، تدفعه لإراقة دم كل من يختلف معه، بحجة أنه يطيع همزات الشيطان، ليعلى راية الدين.. الشخص المتدين العادى، الذى لا يموج الغل بأعماقه، ولا تسيّره كراهية انتزعت العقل من رأسه، والرحمة من قلبه، لن يجد فارقا، بين من يتحدثون عن الدين، والعصابات الإجرامية المنظمة، التى روعت أمريكا فى عشرينيات القرن العشرين، أو جماعات الكوكلوكس كلان، التى ارتكبت المذابح الوحشية للزنوج، تحت راية الحرية لأمريكا من الأفارقة.. كل المنظمات الإجرامية الوحشية، والتنظيمات شديدة التطرف، رفعت دوما رايات الحرية والحق، ولكنها كلها، وبلا استثناء، خسرت معاركها وفنيت واندثرت مع الزمن، لأن أعلامها لم تطابق أفعالها، بل قلبت عليها الدنيا، وضاعفت من أعدائها، ومن شدة مقاومتهم لها، حتى تراجعت مضطرة خاسرة، وإن طال الزمن.. المشكلة أن كل الجماعات الإرهابية مختلة التفكير، متشنجة النزعة.. لا تعترف بشىء اسمه الحوار.. إذا ما اختلفت معها، ولو بكلمة، ترفع السلاح فى وجهك، وتكشر لك عن أنيابها، فإذا ما قاومت، أو دافعت عن نفسك، ثارت ثائرتها، وسعت للانتقام منك! وإن فشلت فى الانتقام منك، فهى تقتل جيرانك وأصدقاءك، وزملاء العمل، وحتى فرّاش مكتبك.. ثم يخرج عليك شخص يصلح كنموذج فنى لصورة الشيطان، وهو معقود الحاجبين مكفهر الوجه، أشعث الملامح، ليقول لك بزمجرة شيطانية وحشية: إنه يفعل هذا من أجل دين الله الرحمن الرحيم.. ولو أنك لست مسلما، فستتساءل فى امتعاض: أهذا هو الإسلام؟! قتل وتدمير وتخريب وغدر وكذب و... وستحذّر أولادك وأقاربك وأصدقاءك من هذا الدين الوحشى، الذى لا يبتسم معتنقوه أبدا، بل يتجهمون ويهددون ويتوعدون دوما.. وربما تؤكد لهم أنه حتما دين شيطانى والعياذ بالله العلى العظيم، لأنه من وجهة النظر المتعادلة، يستحيل أن يدعو دين سماوى، لكل هذه الجرائم الوحشية، التى يشيب لهولها الولدان.. وستتيقن من فكرتك هذه، عندما تعلم أنهم يجاهدون ضد من يدين بنفس ديانتهم، ويؤدى نفس شعائرهم لمجرد اختلاف الرؤى! وما سيروعك أكثر، أنهم يسعون لحث شعوب أخرى على احتلال أوطانهم، ويضربون أسوأ وأحقر مثال للخيانة، ثم يخبرون الدنيا أن هذا فى سبيل الدين!! من الطبيعى أن تنفر، وأن تتساءل: أى دين هذا، الذى ينفّر من لم يؤمنوا به، ويحارب من آمنوا به، ويتفاخر بالوحشية والشراسة والقسوة والعنف وانعدام الرحمة والضمير؟! أى دين هذا، الذى يزهو بالقتل والتدمير والتخريب، والتمثيل بجثث ضحاياه؟! أما لو أنك مسلم، فالدهشة والحيرة ستتعاظمان، وأنت تسأل نفسك: أهكذا تكون الدعوة إلى دين الله عز وجل؟! أهكذا أمر العزيز الحكيم؟! وهل يرضى المنتقم الجبار أن يسىء متوحشون إلى دينه عز وجل، على هذا النحو، أم سيهزمهم ويخزيهم فى الدنيا ليثبت للعالمين أنه رب الرحمة والعطف وليس رب الانتقام والغل والوحشية؟! وفى هذا السؤال الأخير، لا عجب ولا عجاب.. الجواب واضح.. ولو بعد حين.
العجب العجاب!
مقالات -
نشر:
13/9/2013 5:12 ص
–
تحديث
13/9/2013 8:45 ص