هل من الإسلام أن نسمح لأحد بالحديث باسم الإسلام وتوزيع صفات الإيمان والكفر على الناس؟
حد يقول لى آية واحدة فى القرآن الكريم تمنح أحدًا هذا الحق؟
لا يوجد فى الإسلام رجال دين يمنحون البركة أو يُنزِلون اللعنة. ولا حق لأحد فى الادّعاء والزَّعم بحق التمثيل الإلهى، كما أن مَن اصطُلح على تسميتهم علماء دين لا يملكون، مهما بلغ علمهم أو بالغوا فيه، حق الحكم على إسلام الآخرين، ولا حتى الزَّعم بأنهم المسلمون الحق. أما الدعاة أو مَن روَّج لهم البعض هذا المصطلح لمنحهم لقبًا للتباهى أو للتميز أو للتبجيل، وهو لقب لا يخصّ أحدًا بعينه بل يخص كل مسلم، فهو داعية بعمله وبخُلقه، ولم يكن فى التاريخ الإسلامى شخص معنىٌّ بالدعوة أو ملقَّبٌ بالداعية، وهو تعبير حديث تم استخدامه واستغلاله، وهو غير لقب «الواعظ» الذى كان تعريفًا وظيفيًّا فى الأزهر والأوقاف (واعظ فى الأوقاف)، وكان المتخرج فى كلية الدعوة الأزهرية لا يُقال له داعية «فكلنا مأمورون ومهيؤون للدعوة»، بل واعظ.
عمومًا، يبقى السؤال بصيغة أكثر وضوحًا ومباشرة: هل ديننا يسمح لأحد بأن يقول عن نفسه إنه إسلامى؟
فأن يأتى أحدهم، ويقول إنه داعية إسلامى (هل هناك داعية مسيحى؟ فى المسيحية اسمه قِسّ أو مبشِّر مثلا)، وأن يسمح حزب بأن يصف نفسه بأنه إسلامى. (هل معنى ذلك أن الأحزاب الأخرى غير إسلامية؟).
إن هذه جريمة ارتكبها حسن البنا واعيًا قاصدًا حين أطلق على جماعته الإخوان المسلمين، لأن حقيقة الأمر أن كل من يتحدث عن أنه هو المسلم أو الإسلامى، إنما يحتكر الصفة لنفسه، واصمًا غيره بغير المسلم ولا الإسلامى.
إذا كانت هذه الجماعة اسمها الإخوان المسلمون، فماذا الذى نكون عليه نحن من غير أعضاء الجماعة؟ إخوانا غير مسلمين مثلا؟
هنا مفصل المسألة كلها.
هل سنستمرّ فى مصر أسرى هذا الابتزاز المذهل فى وقاحته، حين يدّعى البعض الحديث باسم الإسلام، ونَعْت نفسه بالإسلامى، ووصم غيره بالمعاداة للإسلام وللوهم الذى يتحدثون عنه، وهو المشروع الإسلامى الذى يتكلم عنه هؤلاء المدّعون طيلة الوقت للتزوير والتضليل، وكأن كل المشاريع الأخرى غير إسلامية كافرة؟
ليس على رأسنا بطحة، ولسنا ضعاف الإيمان، ولا نحتاج إلى شهادة على إسلامنا من أحد، ولا يجب أن نسكت عن المتاجرين باسم الدين، الذين يُرهِبون مصر كلها، ولا يمكن أن نخاف أو نخشى أو نتردد من أن نقولها بمنتهى القوة والحسم: لا وجود لأحزاب دينية فى مصر.
والذين ينفون أنهم حزب دينى هم كذابون يستبيحون الكذب والتحايل على الناس، وآن لهذا الكذب أن ينتهى.