لاحظت أمراً غريباً فى تصريحات من تكلم من الخمسين. أعضاء اللجنة المعنية بمراجعة النص الدستورى شعبياً. كل منهم يتحدث انطلاقاً من خلفيته. لا أحد فى الأغلب يتكلم باعتباره ممثلاً لكل شعب مصر. طريقة تشكيل اللجنة فرضت عليها ذلك. قرار رئيس الجمهورية خصص مقاعد للتيارات والمواقع والفئات. هذا لا يعنى أن كلاً منهم يجب ألا يكون مقصوراً على نفسه.
لاحظت: المرأة تتكلم عن المرأة. المحامون يتكلمون فى القانون. العالم يتحدث عن البحث العلمى. الحزبيون يعبرون عن مصالح أحزابهم. ماذا يفعل إذن من لم يمثَّلوا فى اللجنة. هناك فئات كثيرة لم تجد لها تمثيلا. لم يتم التعبير عن كثيرين فى المجتمع. كلما أصر أعضاء اللجنة الحالية على أن يتكلموا فئويا أصبحت لجنة قاصرة. صارت معيبة. لا تعبر عن توجهات شعب مصر.
مسؤولية كل عضو أن يكون معنياً بالتعبير عن اتجاهات المجتمع. أن يرى فى نفسه ممثلاً لكل المصريين. محمد عبلة لا يمثل الفنانين التشكيليين. عمرو موسى لا يمثل الدبلوماسيين أو حزب المؤتمر. ضياء رشوان لا يمثل الصحفيين وحدهم. مرفت التلاوى ليست فقط ممثلة المرأة. مفتى الجمهورية ليس مطلوباً منه أن يكون مرجعية الدين فى اللجنة. صفوت البياضى لا يعبر عن الإنجيليين فحسب. المواطنة تبدأ من هنا. لو تحول الخمسون إلى مواطنين لا رسل لفئاتهم تكون اللجنة نجحت. يكون الدستور مدنياً عصرياً.
مشكلة بعض الخمسين أنه لا يكون ممثلاً لمصر ولا لفئة منها. مشكلته أنه يمثل ذاته. احترم ذاته لكن ذاته ليست كافية. لا يكون الدستور مجمعاً للرغبات الذاتية. لو كان كذلك لكان على رئيس الجمهورية أن يضم إلى اللجنة ٨٥ مليون مصرى. الاختيار ليس شخصيا. هناك كُتّاب أفضل. صحفيون أهم. سياسيون أكثر تأثيراً. مشايخ أكثر شهرة. بدو لم يجاوروا ممثل النوبيين. صوفيون لم يحضروا. يمينيون لا يعبر عنهم اليسار. أصحاب أعمال لا يمثلهم العمال. كل عضو فى الخمسين يجب أن يكون مجمع آراء.
ليست هذه لجنة للتفاوض بين المصالح. كل المصالح ليست ممثلة. بعضها. اللجنة عجوزة نوعاً ما. الشباب غير كاف. أقوى مؤسسة فى مصر يمثلها واحد فقط. العسكريون أقصد. لا حل إلا أن يغطى كل عضو فى اللجنة الفجوة التى يعرفها. يمد يده لمن لم يجد نفسه داخله. تكتسب اللجنة بذلك شرعية إضافية. لو لم يفعلوا سوف تكون قاصرة. منقوصة. يكون دستوراً للبعض لا الكل. تحدثوا باسم صوت مصر لا صوت فرد انضم صدفة للجنة.