الأمس كان 11 سبتمبر، ولست أعرف كيف استقبلت الإدارة الأمريكية هذه الذكرى فى وقت هى تضغط فيه على مصر الثورة كى تتصالح مع العدو ذاته الذى استهدفها فى ذلك التاريخ، منذ 12 سنة، وهو الإرهاب الأسود الملتحف بالإسلام.
إن القوى التى تطالبنا الولايات المتحدة بالإفراج عن قياداتها المدانين فى قضايا جنائية والذين عدلت مطالبتها الأولى من إعادتهم للحكم إلى ضمان مشاركتهم فى الحياة السياسية هم الذين قتلوا المتظاهرين، وعذبوا المواطنين، وروعوا الجماهير، وهم الذين اعتمد تاريخهم، منذ بدايات القرن الماضى، على الاغتيالات والتفجيرات، فقتلوا أحمد الخازندار ومحمود فهمى النقراشى وأحمد ماهر وحامد جودة، وحاولوا اغتيال عبدالناصر، وهم الذين اعتدوا على اليهود المصريين، وأحرقوا ممتلكاتهم، مما دفعهم للهجرة، وهم الذين تولدت عنهم كل التنظيمات الإرهابية الأخرى، بلا استثناء، والتى اختطفت وقتلت وزير الأوقاف محمد الذهبى، واغتالت رفعت المحجوب وفرج فودة و18 سائحاً بالجيزة وعشرات السائحين بالأقصر، وحاولت اغتيال أديب العربية الأكبر نجيب محفوظ والصحفى الكبير مكرم محمد أحمد، ثم هى التى حاولت الاعتداء على أكثر من وزير للداخلية كان آخرهم محمد إبراهيم، منذ أيام، وكأنهم يذكرون الولايات المتحدة، مع قدوم ذكرى 11 سبتمبر، بتلك الفاجعة التى لا أعرف كيف استقبل الرئيس أوباما ذكراها، وما إذا كانت قد دفعته للتفكر فى علاقات بلاده بجماعات ما يسمى «الإسلام السياسى» التى يحاربها فى أفغانستان، لكنه يدعمها فى سوريا، ويدينها فى بلاده، ويطالب بعودتها فى بلادنا.
إن ضحايا إرهاب الإخوان فى مصر ليسوا أقل قيمة بأى حال من الأحوال من ضحايا برجى التجارة العالمية فى نيويورك، ولقد خاضت الولايات المتحدة حرباً ظالمة فى العراق، رداً على هجمات 11 سبتمبر، وإن كانت قد فتحت بذلك العراق أمام التنظيمات الإرهابية التى تحاربها، وفى مقدمتها تنظيم القاعدة، أما ما نطلبه نحن فهو المحاسبة القانونية لمن اعتدوا على المواطنين بالتعذيب والترويع والقتل، وستأتى بعد ذلك المحاسبة السياسية لمن خربوا البلاد وأفسدوا مؤسساتها، ووصلوا بنا إلى حالة من التردى لم نشهدها من قبل، وهذا حق أصيل للمصريين لا مجال فيه للأمريكيين أو غيرهم للضغط للحيلولة دون ذلك، وإنما عليهم أن يتفكروا ذكرى 11 سبتمبر، لعل الذكرى تنفع المؤمنين.