العزيز جدا جدا جدا إسماعيل يس..
تحية طيبة وبعد..
بعد ثلاثة ايام من الآن يحل عيد ميلادك فى 15 سبتمبر.. وتكون 101 عام بالتمام والكمال قد مرت منذ ولدت فى 1912.. مائة عام عبثية وفوقيهم كمان عام قد حدث فيهم ما حدث.. وخرب فيهم ما خرب.. وباظ فيهم ما باظ.. وانصلح فيهم ما ظننا أنه قد انصلح.. قبل أن يبوظ هذا الذى قد انصلح مره أخرى.. ثم ينصلح ثم يبوظ ثم ينصلح ثم يبوظ ثم ينصلح.. لنجد أنفسنا فى محطة إنتظار نفسية مرتبكة للقادم من أيام تلك الدنيا «المتعبة جدا جدًا» كما أخبرتنا فى أحد مونولوجاتك الجميلة !
العزيز جدًا «سمعة».. لو كنت تعيش بيننا اليوم لكنا قد رأيناك فى سلسلة أفلامك الجديده «إسماعيل يس فى الإخوان» و«إسماعيل يس فى الشرطة العسكرية» و«إسماعيل يس فى أمن الدولة» و«إسماعيل يس فى الأمن المركزى» و«إسماعيل يس فى الفلول».. فتلك هى مفردات أيامنا التى لم تكن تعرفها ولم تكن على أيامك.. ودعنى أخبرك يا عزيزى «سمعة» أن أيامنا قد أصبحت أيام غريبة ما يعلم بيها إلا ربنا.. أصبحت أيام وهمية زئبقية.. لا يستطيع البنى آدم منا وضعها فى جملة مفيدة لتوصيفها حيث تلخبطت كل القيم والمعايير على بعضها البعض قبل أن تضرب شقلباظا جماعيا فى محيط الحيرة والتساؤلات.. ولو سألَنا الآن أحد سؤالا عاديا مثل هذا.. «إيه الأخبار»؟.. بنتثبت وما بنعرفش نرد عليه نقوله إيه بالظبط.. وغالبا ما نكتفى بذلك الرد التقليدى المتوارث وخلاص.. «الحمد لله»!
اليوم.. إختلفت الكوميديا تماما عن أيامك الجميلة.. تلك الأيام التى كان يكفى تماما أن تظهر فيها على الشاشة لكى نضحك.. الآن أصبحت الكوميديا كوميديا سوداء وواقعية وحقيقية.. لم نعد بحاجه الآن إلى شفاتيرك المهتزة لنضحك.. ولا إلى كبشه تحاول بها إخراج المفتاح من صدر زينات صدقى لنشعر بالمفارقة.. فحياتنا بأكملها قد تحولت إلى مفارقة كبيرة وإفيه يموت من الضحك.. وعلى الرغم من أنك لو كنت تحيا بيننا فى تلك الأيام الملتبسة والغريبة والعجائبية والكوميدية لكنت قد تأكدت بنفسك من مدى قدرة المصرى على صنع الإفيه الوقتى والحدثى فى حال شعوره بالأمل فى القادم من الأيام.. إلا أنك والحمد لله لم تدخل فى تلك الحسبة الصعبة التى نحن واقعين فيها الآن نضرب أخماسا فى أسداسا ونتساءل معك.. " كلنا عاوزين سعادة.. بس إيه هى السعادة.. ولا إيه معنى السعادة.. قوللى يا صاحب السعادة.. قوللى قوللى " !
أما بقى فيما يخص الكوميديا اللى بجد.. اللى هى بتاعة السينما والتليفزيون والممثلين.. فنعرفك أنها قد أصبحت قائمة بشكل كبيرعلى الزغزغة.. وحتى على الرغم من ذلك لا نضحك.. بل نمتعض ونشمئز ونسارع إلى الضغط على الريموت بمجرد ظهور أى شلحلجى من هؤلاء المزغزغاتية الخنيقين.. أنت كنت تضحكنا.. أما هم فيضحكون علينا.. أنت كنت بجد.. أما هم فمثلهم مثل طعامنا ومياهنا وسياستنا وتعليمنا.. مضروبين.. أنت رحلت منذ 41 عاما ولكنك لا تزال حيا وكأنك لم تمت وعندما نصادفك على الشاشة أثناء التقليب فى الريموت نتوقف عندك بشكل تلقائى.. أما هم فعلى الرغم من أنهم لايزالون أحياء يرزقون إلا أنهم فعليا وعمليا ماتوا بعد أول فيلم أو فيلمين أو بعد أول خدعة أو خدعتين وبمجرد مصادفتهم على الشاشة نضغط على الريموت بسرعة منعا لإنفجار بعض المناطق التى لو حدث وانفجرت لن يستطيع البنى آدم منّا تعويضها تانى أبدا!
العزيز جدا إسماعيل يس.. على الرغم من أن مجموع ما حصلت عليه من نقود عن جميع أفلامك ومسرحياتك وأعمالك الكثيرة الناجحة لا توازى نصف ما حصل عليه أى أحد من هؤلاء المزغزغاتية عن فيلم واحد فاشل من أفلامهم الكثيرة الفاشلة إلا أنه وكما تقول أنت نفسك.. «ما تستعجبشى.. ما تستغربشى.. فيه ناس بتتعب ولا تكسبشى.. وناس بتكسب ولا تتعبشى.. ما تستعجبشى ما تستغربشي»!
العزيز جدا إسماعيل يس.. كل سنة وانت طيب بمناسبة عيد ميلادك المائة وواحد.. وإذا حدث ونظرت من السماء على ما يحدث فى مصرنا الجميلة الآن من عوء ومشاكل ومؤامرات وخدع إستراتيجية وحركات نص كم.. أرجوك.. ما تستعجبشى.. ما تستغربشى.. واعلم أنه كما أخبرتنا بنفسك.. «الدنيا دى متعبة جداً جداً جداً.. آه م الدنيا»!
و السلام ختام