ستجدون منى فى هذا المقال عبارات حادة على غير العادة، فوالله لقد مُلِئ الوطاب، وضاق الصدر، فيوم أن ترى مرض «متلازمة رابعة» وقد تحكم فى البعض، ساعتها يجب أن تثور فى وجه هؤلاء المرضى لعلهم يفيقون، ولكن ما الحال وهم لا يعترفون بمرضهم، ويظنون أنهم أصحاب البصيرة والوعى والفهم، إذن فلتلتمسوا لى العذر، فأنا لا أحب أنصاف الحلول، ولا أحب من يمسك العصا من المنتصف، الذى يمسك العصا من المنتصف هو من يحب الرقص، كما أننى لا أحب تلك الكائنات اللزجة التى تخرج علينا بين الحين والحين لتتحدث حديثا ناعما يبدو فى ظاهره أنه حديث العقل والتنظير وكأنهم حكماء عصرهم، فيقول أحدهم وهو يرتشف القهوة من فنجاله المزخرف: لقد أحرق الأقباط كنائسهم والإخوان برءاء، ويقول الآخر وهو يعبس بوجهه ليبدو عميق الفكر: لقد هاجمت الشرطة الأقسام وقتلت رجالها والإخوان برءاء، فيقفز الثالث صائحا وكأنه خطيب عصره: لم يفجر الإخوان موكب وزير الداخلية إنما فعلها الوزير نفسه ولكن الإخوان برءاء، بسم الله ما شاء الله، ما هذه الفصاحة والنباهة والذكاء، يبدو أن الله أعطى هؤلاء بسطة فى الفهم والعلم! فعرفوا الشىء من نقيضه.
ولقد حار فهمى، ونظمى ورسمى، فى أولئك الذين يعيشون على كوكب آخر فلم يروا هؤلاء البربر وهم يقومون باحتلال إشارة رابعة ويقطعون الطريق ويتلفون الممتلكات العامة ويخطفون المواطنين ويعذبونهم، لم يروهم حين خطفوا ضابط شرطة ليعذبوه، وحين حملوا الأسلحة، وحين صعدوا على منصتهم ليكفروا المجتمع كله، ومع ذلك إذا بنا نلمح أحدهم وهو يحلل الأمر سياسيا فيقول وقد عبس وبسر وأرغى وأزبد: لقد كان من قطعوا الطريق وحفروه وأتلفوا الممتلكات العامة سلميين! وآية ذلك أنه لم يُعثر معهم إلا على أسلحة قليلة!.
لم يُعثر على أسلحة لديهم إلا القليل! هذا والله شىء حسن، إذا مفهوم السلمية هو الأسلحة القليلة الخفيفة، وبالتالى لا يجوز للشرطة فضهم بالقوة، فإذا أطلقوا على الشرطة الرصاص وقتلوا وأصابوا منهم فيجب على الشرطة أن تراعى حقوق الإنسان الإرهابى وتوجه اللوم الشديد للضباط المقتولين والجنود الغلابة لأنهم تجاسروا وتجرأوا ووقفوا أمام رصاص الإرهابيين السلميين، أليست فى قلوبكم رحمة يا رجال الشرطة!.
وكان من المؤذى لمشاعر الإرهابيين السلميين أن منعتهم الشرطة من احتلال مطلع كوبرى أكتوبر من ناحية مدينة نصر، وكيف تمنعهم من احتلال مطالع الكبارى وهم أهل السلمية ودعاتها، فإذا قامت الشرطة بواجبها بمنعهم كان ولابد للسلميين أن يقتلوا النقيب شريف برصاصة فى رأسه من قناص إخوانى سلمى، ذلك أنه أراد أن يمنع حقوق الكائن الإخوانى السلمى فى التخريب.
لا والله! ونعم السلمية! أكرم بها وأنعم يا أصحابى، هيا بنا نحفر الطريق، هذه سلمية بلا شك، هيا بنا نحتل مدرسة ونحولها إلى مرتع للماشية، تلك سلمية بالأكيد ! هيا بنا نفتش الرائح والغادى من المارة ومن السكان ونجعل من أنفسنا سلطة عامة ونجعل المنطقة كلها خاضعة لقانون طوارئ خاص، ونبيت فى مداخل العمارات ونقضى حاجتنا فى الطريق ونستحضر الأطفال الصغار الذين يستقبلون الحياة ونكتب على ملابسهم مشروع شهيد ونغطيهم بالأكفان، أليست كل هذه المظاهر سلمية بنت سلمية، دعك طبعا مما تعرفه ويعرفه الكافة أن التعذيب والقتل كان دائرا داخل هذه التجمعات لكل من يشكَّون فى أمره، ولكنه القتل السلمى، ألم تسمعهم حضرتك وهم يقولون «شجرة الإسلام لا يرويها إلا الدم» إذن من الطبيعى أن تسيل الدماء بشكل سلمى! ألم يقل أحدهم: «سنقاتل حضارتكم الفاجرة» طبعا القتال سيكون سلميا! وبسلمية تامة قال أحدهم وهو يمضغ الكلام كما يمضغ القات: «الإرهاب سيتوقف فى سيناء فى اللحظة التى سيعدل فيها السيسى عن الانقلاب» هو طبعا يقصد الإرهاب السلمى.
آهٍ منك أيتها الشرطة التى ألقيتِ آلاف المنشورات الإرهابية على السلميين البرءاء من قاطعى طريق رابعة، وكم كان جبروتك عندما طلبتِ منهم مغادرة مكان قطع الطريق بأمان، ما هذا العنف المفرط؟ أليس لكم أخوات إرهابيون سلميون؟ ثم كانت الطامة الكبرى يوم فض الاعتصام، لقد وصلت القسوة منكم إلى حدها الأعلى لدرجة أنكم يا شرطة طلبتم عبر مكبرات الصوت أن يذهب كل واحد من المعتصمين إلى حال سبيله إلا من صدرت ضدهم أوامر بالقبض من النيابة، ساعتها، وألف آهٍ من ساعتها، أصر السلميون الصادر ضدهم قرارات القبض على الاستمرار فى الاعتصام، وأخذوا يصيحون سنضع أجسادنا أمام المدرعات، اقتلوا منا من تريدون، نحن فداء للإسلام، ثم فر القادة هاربين بعد أن أخرجوا الجثث المكفنة وألقوها على قارعة الطريق، وأمروا أتباعهم بإطلاق الرصاص على الشرطة، ولكن انتظر، لدينا هنا معضلة، جماعة الإخوان الإرهابية السلمية كانت تقول إن قتلاها شهداء وإنها لا تكفن شهداءها، فكيف تم تكفين هذه الجثامين ولماذا؟ هل هم من الذين قتلتهم الجماعة السلمية؟ فهم عندها ليسوا شهداء! لا طبعا المسألة فيها سر آخر فإنك لا تعلم أيها القارئ أن هذه الجثامين كانت لمن قتلتهم الشرطة، ولكن الرصاصة كانت تخرج من الشرطى وهى تحمل معها الكفن، فتقوم بقتل الأخ الشهيد ثم تقوم بتكفينه فورا.
وبعد المناشدات بالمكبرات الصوتية والرجاء قضى الأمر الذى فيه تستفتيان ووقع يومها من الشرطة اثنان وأربعون قتيلا، ومن الإرهابيين السلميين فى كل من رابعة والنهضة مائة وعشرون، ولكن لأن الواحد من السلميين الإرهابيين بألف مما تعدون لذلك تحول عدد قتلاهم إلى بضعة آلاف، أليست جماعتهم ربانية؟! ومن الآيات الإلهية التى أرسلها لنا الله هى أن القيادى الإخوانى مصطفى الغنيمى كان قد استشهد فى أحداث رابعة، إلا أن الشرطة الغادرة الآثمة قامت باعتقاله وهو مختبئ بعد استشهاده بعدة أيام، ونفس الشىء فعلته مع الشهيد حسام أبوالبخارى، يا لها من شرطة متجاوزة فى العنف، هل وصلت بهم القوة المفرطة لحد أن تقوم باعتقال الشهداء!.