يقولون فى الصحف إنك تبحث عن فضيحة.
وتقول صحف أخرى إنه تتكشف يوما بعد يوم «حرب أجنحة»، أى أنها ليست مجرد حرب انتقامية على ثورة ٢٥ يناير والأسماء المرتبطة والقوى الفاعلة.
هل أنت واحد يا «أبانا...» أم أنك أجنحة أم أنك ما زلت تعمل ضمن «خلية» أدارت الأزمة، والحرب مع الإخوان، حيث لأول مرة تعمل الأجهزة السيادية، الأمنية تحت قيادة واحدة ولهدف واحد «حماية الدولة».
هل ما زالت «الخليّة..» تعمل بهذه الروح المدافعة عن الأمن؟ أم أن هناك أجنحة اشتاقت إلى «شُغلها» القديم وبدأت فى ممارسة الحكم، بالفضيحة وأطلقت الخلايا القديمة المحترفة فى تسميم الحياة السياسية؟
«أبانا..» أن تعمل فى إطار «خلية» تؤدى مهمة أمنية أفضل من التخطيط للحكم من الغرف المغلقة وذلك استدعاء خلايا من الموت الطبيعى لتتحول إلى «صفايح زبالة» متلفزة... هذه الخرافات عن عودة الغرف المغلقة بكل مشتملاتها: الوجوه والصفائح والمخططات وتهديد الخصوم وتشويههم.. كل هذا هى «الهدية الكبرى» للإخوان، هم المستفيد الوحيد من «خطتك السرية» التى أصبحت مكشوفة.
هل تعلم ماذا تفعل هذه النفايات الملتزمة؟ ألم تقرأ فى كتب الإعداد النفسى للشعوب، أن دفع السياسة إلى المناخ المسموم يوهن الروح وينشر الكآبة والإحباط، والدولة يا أبانا فى الجهة السيادية بعد الثورة لن تستمر كما كانت فى أيامكم المزدهرة أيام مبارك.. أعتقد أنك عشت نهاية هذه الدولة، وأنك للأسف مضطر إذا أردت الاستمرار فى عملك الذى هو وظيفة ندفعها من ضرائبنا ومهمتها الحفاظ على الدولة لا دفعها إلى كارثة... للأسف ليس أمامكم إلا طريق واحد للسلامة، هو السماح بإنشاء بنية تحتية لنظام ديمقراطى واختيار حكومة قادرة على جذب الكفاءات والإمكانيات لحل الأزمات، وهذا طبعا لن يتم بتحريك أحزابكم الدينية لشن حرب الهويّات الفاسدة مرة أخرى. هذه الحروب يا «أبانا..» فقدت قدراتها القديمة فى التغطية على الاحتياجات الحقيقة.. وعلى رأى الحكيم الشعبى «جَرَّبتوها وفشلت..» كما أن الجمهور سينفضّ عن حفلة الدفاع عن هوية مصر، وأناشيد الحماس الوطنية ودموعها، وسيصبح المسرح خاليا بعد أيام قليلة وساعتها ستكون المواجهة: ماذا بعد؟ هل سنأكل ونشرب أناشيد؟ هل ستمسح المدائح الغنائية جروح مواطن سيكتشف أن كرامته ما زالت مفقودة فى أقسام البوليس أو عند أى مواجهة مباشرة مع السلطة؟
يا «أبانا..» الهويات لم تعد تسقط من أعلى، ولم تصدر بها نشرات تعميمية من الدولة أو حتى من أجهزتكم، هذا لأنه ببساطة، البشرية عرفت بالتجربة أن الهدف الوحيد هو سعادة الفرد الذى يسكن على أرض كل دولة، نعم السعادة ليس أكثر، وهذا ما اكشتفناه متأخرا عن البشرية، لكننا اكتشفناه ونعس اليوم لدولة حديثة، هذه هى الهوية إن أردت، أما دولة حديثة فتعنى دولة مؤسسات، القانون فيها الحاكم، وحرية الفرد هى الأساس، وفى هذه الدولة أو شرطها الكبير أن تعود إلى حجمك الطبيعى يا «أبانا..» وتنسحب قليلا لمصلحة الدولة والشعب لتقوم بمهمات ووظائف، ليس الحكم والسلطة من بينها.
نعرف أن هناك شريحة من إعلاميين وسياسيين عواجيز كانوا يستعدّون للبحث عن مكان لإجازتهم المفتوحة، ويتصورون أن هذه فرصة سقطت عليهم من السماء، وسخّنوا من جديد خطوط الاتصال مع الحرس القديم واستيقظت أوهامهم لدفع جنرال قديم ليدخلوا خلفه قصر الرئاسة، هذا ما لديهم: سباق الغرائز المنهَكة.. وهذا أيضًا كل ما لديكم إذا تصورتم أن هذه البلد يمكن أن يدار بالأمن أو ببركاته وتجلياته، وأنه للوصول إلى هذا الهدف لا بد من تصفية القوى الديمقراطية والتيارات الثورية، ربما تبدو معكم ضعيفة فى تنظيمها، لكنها فى الحقيقة هى روح هذا البلد، تتذكرون طبعا أنه عندما حاولت عناصركم الجديدة تنظيم أول مليونية ضد الإخوان فى أغسطس ٢٠١٢ ولم يتحرك سوى بضع مئات.
نذكِّرك يا «أبانا..» لتدرك أن المجتمع يتغير والشعب مَلُول حتى من استعراضات النفايات المتلفَزة كل ليلة، وتذكَّر أن استعراضات الإخوان عندما ظهر أنها تليفزيونية... وأنهم مثل سابقيهم عصابة، تريد احتلال البلد، وليس لديها شىء، تحول الغضب إلى حقيقة لم يدركها «أباهم» الذى فى مكتب الإرشاد فسقط سقوطا مدويًّا.
الناس تتسلى ساعة بمسارحكم الباحثة عن فضيحة، والمداعبة لمشاعر الوطنية لكنهم فى كل ساعة سيطالبون بدولة محترمة، يجدون فيها عملا ولقمة عيش كريمة وأمن دون إهدار للكرامة وعدالة لا رشاوى أو منح أو صدقات من جمعيات تتعامل مع أكثر من ٤٠٪ من الشعب على أنهم جيوش متسولون لا بد من إطعامهم بدلا من أن تأكل الأغنياء.. العدالة التى تحقق الأمان للجميع.
ربما تبدو القوى الحاملة لهذه الآمال ضعيفة التنظيم، وربما سينزوى البعض تحت وابل النفايات المتلفزة، وستخشى الكفاءات المحترمة من المشاركة فى ظل هذا المناخ المسموم، ساعتها ماذا ستفعل يا «أبانا..»؟
أقول لك: .. حتى القمع لن تقدر عليه.