هل من الذكاء السياسى لأى جماعة أن تدخل فى مواجهة دامية مع المواطنين فى مجتمع يستعد لانتخابات برلمانية وأخرى رئاسية؟ هل من الحصافة أن تستهدف المواطنين الآمنين، سواء كانوا مارة بالشارع أو ركاباً فى قطار أو مجندين أو عاملين فى أحد أقسام الشرطة؟
لم تكن قد مرت إلا أيام معدودة على المحاولة الفاشلة لاغتيال وزير الداخلية، والتى أصيب فيها العشرات من المواطنين الأبرياء، حتى وجدنا يد الإرهاب السوداء تقدم على محاولات أخرى لتفجير قطار السويس - الإسماعيلية، بمن فيه من ركاب، وتحاول تفجير مسجد خاتم المرسلين بالعمرانية فى الجيزة وقسم شرطة بولاق الدكرور، وذلك كله فى يوم واحد.
يضاف إلى ذلك ما يحدث فى سيناء، والذى يخطئ من يتصور أنه بعيد عن التأثير فى المواطنين فى الوادى، فإن من يتم اغتيالهم فى سيناء مصريون من الوادى، سواء كانوا مجندين أو أفراد أمن، وذووهم هنا يشعرون بالغضب تجاه من ارتكبوا تلك الجريمة تماماً مثلما يحدث مع الجرائم الإرهابية التى تحدث فى القاهرة أو الجيزة أو أى من المحافظات الأخرى.
لقد وثق المواطنون بنية صافية وصادقة فى أتباع ما يسمى «الإسلام السياسى» وأوصلوهم من السجون إلى مجلس الشعب، ثم إلى رئاسة الجمهورية، على أمل أن يأتى معهم «الخير» لمصر، فينتهى فساد الحكم ويسود العدل، وتبدأ عملية بناء الدولة الحديثة التى تتطلع إليها الجماهير، لكن خلال سنة واحدة من حكم الإخوان ساءت أحوال البلاد بما لم يكن أحد يتصوره، ولم تتحقق أى من وعودهم فى حل مشاكل الجماهير، وضاعت الأهداف التى من أجلها قامت الثورة، من الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وانصرفت سياسة الجماعة إلى تمكين أتباعها من مفاصل الدولة وإقصاء كل الكفاءات الوطنية.
وقد وصلت الآن جماعة الإخوان إلى مرحلة فقدت فيها كل تأييدها الشعبى السابق، وأصبح لزاماً عليها أن تعمل جاهدة على استعادة بعض هذه الشعبية الضائعة قبل الانتخابات المقبلة، لكن قياداتها المتحجرة لجأت بدلاً من ذلك إلى الانتقام من المواطنين الأبرياء الذين انصرفوا عنها بعد فشلها، فهل أكثر من ذلك غباء؟!