فى بديهيات الثورات أنها لا تعرف البطء فى الحركة، لأن ذلك يتناقض معها، حتى إن ذلك يصب فى خانة التواطؤ مباشرة، على خلفية أن الجماهير قد ثارت من أجل تغيير جذرى حقيقى يستلزم دوما السرعة فى القرار وفى التنفيذ كما يستلزم اتساق الخطاب السياسى المعلن على لسان رموز الثورة مع القرارات أو السياسات، ولا تعرف الثورات إلا الطريق الواضح إزاء خصومها، ومن خلال متابعة ملف واحد وهو جماعة الإخوان ووضعها ووضع جمعيتهم التى شهرتها حكومة قنديل فى 24 ساعة!!، ومقرها الرسمى والمعلن هو مقر الجماعة العامة للإخوان بالمقطم، وأموالها ومقراتها، لاحظت تناقضا فى الأقوال بين رئىس الوزراء وبعض نوابه، ووزير التضامن باعتباره الوزير المختص، فعلى حين صرح د.الببلاوى نفسه أن الحكومة تدرس حل الجماعة، ثم قال إن الحكومة قررت حل الجماعة، ثم خرج علينا مؤخرا أن الحكومة أجلت حل الجماعة وتسعى لإدماجها فى الحياة السياسية!!
وخرج علينا وزير التضامن بتصريحات عديدة متناقضة وتصرفات متباطئة، بعضها يعطى الأمل فى قرب حل الجماعة وبعضها يصب فى اليأس من حل الجماعة، والبعض الثالث يؤكد أن الحل فى الطريق، ولكن التزاما بسيادة القانون، والبعض الرابع يصب فى عدم الحل النهائى إلا بحكم قضائى نهائى!! ويؤكد ذلك أن الحكومة تراوغ وقد تساوم على خلفية مفاوضات تجرى من وراء ستار ومن خلف ظهر الشعب، وقد تخاف من غضب الجماعة ومن ورائها أمريكا الداعمة للتنظيم الدولى ولهم!!
ثم يخرج علينا نائب رئىس الوزراء (زياد بهاء الدين) ويعلن مبادرة الهدف منها إدماج الجماعة وعدم إخراجها من المشهد على خلفية المصالحات!! وهذا هو السبب المباشر لخروج رئىس الوزراء د.الببلاوى بتصريحات مفاجئة ومحبطة تقول إن الجماعة جزء من المشهد ولن يتم إقصاؤها.. إلخ.
وقد كان هذا الموقف صادما للقوى الثورية وللشعب الذى ثار فى 30 يونيو لإسقاط الرئىس غير الشرعى وحكم المرشد غير الشرعى، وبمقتضى ذلك إخراج جماعة الإخوان والمتأسلمين من المشهد السياسى برمته، وإلا فإن سيف خيانة الثورة سيوضع مباشرة على رقبة هذه الحكومة والمتواطئين فيها على الثورة والشعب، باعتبار أن هؤلاء هم الطابور الخامس الذى يتحدث باسم الإدارة الأمريكية وسفيرتها المجرمة «باترسون» التى رحلت تحت ضغط الشعب المصرى وقوة ثورته، وهذا كفيل بإجبار حكومة الببلاوى على الالتزام بأهداف الثورة أو الرحيل جبرا لا طوعا أو اختيارا.
لقد مر خمسون يوما على حكومة الببلاوى، وما زالت فى مكانها لم تبرحه، ولا جديد فى المشهد، وأعتقد أن السبب الرئيسى لسكوت الناس عليها وصبرهم -حسبما أتفاعل معهم باستمرار- أن هاجس الأمن والطمأنينة من إرهاب وعنف جماعة الإخوان له الأولوية لدى الشعب، ولذلك فقد تفاعل الشعب وللمرة الأولى مع قرار حظر التجوال والتزم بنسبة تفوق 90٪، وقد تأكدت بنفسى من ذلك يوميا، كما يتفاعل الشعب فرحا بإلقاء القبض على الشخصيات الكبرى من الإخوان والتى هى المحرك الرئيسى للعنف اليومى للجماعة ضد الشعب حتى باتت المعركة بين الشعب وهذه الجماعة الإرهابية المارقة ومن يساندها من المتأسلمين.
ولا يزال الملف الأمنى هو الملف صاحب الأولوية ويتولاه كل من الجيش والشرطة بكفاءة، وما زالت نسب الخسائر -رغم ما نشاهده وكنت أتمنى أن لا نشاهده، فى الأرواح والمنشآت وموارد الدولة والشعب- محدودة، مقارنة بذات العنف فى ذات السياق فى ثورات أخرى.
واستكمالا لنجاح ملف الأمن، فإن الحكومة المترددة المتباطئة عليها حسم ملف الجماعة وأنصارها من المتأسلمين بسرعة، تحاشيا لاتهامها بالتواطؤ وتجنبا لإعلان الشعب غضبه عليها، وهو صاحب الغضب العظيم.
فعلى الحكومة إصدار القرارات التالية: 1- اعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية وتصنف على هذا الأساس. 2- حل الجمعية التى أشهرت بطريق التواطؤ فى 24 ساعة. 3- تأكيد استمرار حل الجماعة لأنها غير شرعية. 4- مصادرة أموال الجماعة ومقراتها نهائيا. 5- حظر الإعلان عن الانتساب للجماعة غير الشرعية وتجريم الانتساب إليها بنص واضح فى قانون العقوبات. 6- حظر الأحزاب على أساس دينى وحل الأحزاب الحالية على هذا الأساس ومصادرة أموالها ومقراتها وهى التى يبلغ عدده (20) حزبا فى مقدمتها «الحرية والعدالة» و«النور» و«مصر القوية» و«الوسط» و«البناء والتنمية» و«الأصالة» و«الحضارة».. إلخ، وعدم الانتظار للدستور الجديد.
7- حل مجلس إدارة الجمعية الشرعية وتعيين مجلس إدارة جديد لقيامها بنشاطات سياسية ودعمها للإخوان فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ورئيسها د. محمد المهدى من قيادات الإخوان. 8- تنظيم إدارة جميع مساجد الجمهورية، وجعل الدعوة والخطابة من اختصاص الأزهر حرصا على مسؤولية الخطاب الدينى المستنير.
ويكفى أن الشرعية الثورية هى التى أتت بالرئيس المؤقت وحكومة الببلاوى وأعضائها، وهى السبيل لإصدار قرارات ثورية حقيقية تستجيب لرغبات الشعب وتحقق أهداف الثورة، والثورة مستمرة حتى النصر بإذن الله مهما تباطأت حكومة الببلاوى إلى حد التواطؤ مع الإخوان. ألا يكفى تبرؤ قيادات الجماعة فى التحقيقات من الجماعة، فما المشكلة إذن؟! ولا يزال الحوار متصلا.