دائما ما تتحفنا صديقة العمود: المهندسة داليا محمد/المنيا، بالنصوص المميزة. أراهنكم أن قصة اليوم ستخطف أنفاسكم كما فعلت معى. أترككم مع القصة.
هى..
شخصية مسالمة، تعشق الشعر والقصص والموسيقى والرسم. تحب الحب لذات الحب ومعناه. طبيعى أن شخصية مثلها لا تميل أبدا للعنف، وتفضل التسامح حتى لو أورث قلبها الألم المبرح!
لا تحتمل منظر الدم، لا تحتمل أن ترى شخصا يُؤذى، لا تحتمل حتى صوت الضرب ناهيك عن الضرب ذاته!
كانت غارقة فى أعمال المنزل. ربما كانت تضغط على نفسها بالأعباء حتى تقلص مساحة التفكير.
تلك الليلة كانت تقطع اللحم بالسكين الكبير شديد الحدة. فإذا بأزيز الغسالة يعلن عن انتهاء دورة الغسيل.. ركضت نحو الحمام والسكين فى يدها.. وفى الطريق مرّت على غرفة النوم التى كان يستلقى فيها زوجها على بطنه يغط فى النوم العميق!
فجأة توقفت..لا تدرى ما الذى أوقفها!
ببطء دخلت الغرفة.. ظلت لفترة طويلة من الوقت واقفة فوق رأسه تتأمله كالتمثال.
هذا الراقد أمامها.. لا تعرفه.. الذى تزوجته شخص آخر.. أما هذا الغريب فكيف احتل بيتها؟
كيف لم تقاومه؟ قبله كان لها عالم رائع يختلف تماما عن العالم الذى جعلها تعيشه. عالم الشك والقهر والغضب.. الصدمة التى أفقدتها الوعى.. الغدر الذى أفقدها الثقة حتى فى خفقات قلبها.. القذارة التى أفقدتها القدرة على الاستيعاب
هذا الشخص قد أطاح بها فى وادى الإهانة والإذلال إلى خارج حدود الإنسانية..
فى اللحظة التالية- هى نفسها لا تعرف كيف- ارتفع نصل السكين فى يدها.
كان يلمع كالفرص النادرة!
إنه راقد أمامها. فى أشد لحظات الوهن الإنسانى. غافل تماما عما تستطيع أن تفعله به.. وها هى فى قمة قوتها، بإمكانها أن تفعل أى شىء.. والسكين كبير جدا.. حاد جدا.
فى الكوابيس التى لا تحكى عنها ترى أنها تكيل له الطعنات.. لكن السكين لا يخترق جلده حتى! وفى كل مرة لا يموت.. ولا يقاومها.. بل يطالعها ببرود الدنيا حتى يستمتع بصرخات القهر التى تكتمها على قلة حيلتها!
الآن السكين فى يدها. كل موقف بطعنة.. وكل طعنة بقوة الموقف.. هذا يعنى أن الطعنات لن تكون عادية.. ستكون الطعنات أيضا بعدد المواقف، وهذا يعنى أن جسده بأكلمه لن يكفى لتصفية الحساب!
هل كان هذا بشعا؟ لم يبدُ لها كذلك وقتها.. لم تكن قد ذاقت فى حياتها نزغ الشياطين بتلك القوة من قبل.
تلك القصص التى كانت تظنها مجرد قصص يتداولها الناس العاديون عن حوادث القتل ربما تحدث أسرع وأسهل بكثير مما كانت تتخيل!
اشتدت قبضتها حول مقبض السكين!
فى اللحظة التالية مباشرة غرق كفها- القابض على السكين- فى العرق.. وغرق وجهها بالدموع.