أنا حاولت جاهدة إنى أخبى حالة الغرام اللى ملكت قلبى مؤخرا، لقد حاولت.. أيون.. وها أنا أفشل. وها أنا لا أخجل من الاعتراف: «أنا يا جماعة حبيت الحظر».
أصل فجأة الحياة - اللى مكنش الواحد شايف لها وش من قفا - أصبحت منظمة. كل ما عندك لازم يتم قبل الموعد. فى الأول قلقت ولقيت جيناتى المصرية الأصيلة - اللى متعودة على الوقت المنبعج الممتد - بتنقح علىّ وتقول لى باستهزاء: «لا ممكن أبدا تلحقى تعملى حاجة. الساعة هتدق 7 مساء، والجنية قالت لو ماروحتيش البيت هتلاقى نفسك لابسه هدومك القديمة المقطعة وطالعة تجرى بره قصر الأمير زى المنيلة على عينها سندريلا، وهتبقى فضيحتك بجلاجل». لكن لأنى مضطرة، كنت باخلص شغلى ومشاويرى وأجرى على البيت قبل الميعاد. والموضوع لا ينتهى هنا لأنى بألاقى اليوم لسه بخيره وعندى كام ساعة بالليل أقعد مع عيالى نتكلم، فأعرف كل الحكايات اللى مكنش فيه وقت يحكوها، ولا كان عندى دماغ أسمعها. أما الشىء الذى «لا يصدقه عكل» هو إنى بلاقى لسه فيا صحة ومزاج أقرأ كتاب حلو أو أسمع مزيكا. بعد عشر أيام من الحظر لقيت نفسى بأقف فى نص الأوضة وبأردد القول المأثور لخالد الذكر السيد الحرامى «على بابا»: «دهب.. ياقوت.. مرجان.. أحمدك يارب!».
ومن غرائب الحظر كمان إنى رجعت أستعمل التليفون الأرضى ودماغى ارتاحت من الموجات تحت البنفسجية وفوق البرتقالية للمحمول. والعجيب كمان إنى وأنا باضرب أحد الأرقام بابقى عارفة ومتأكدة إن الشخص ده فى بيته أو بكتيرها فى بيت حد من قرايبه، حيث يتواجد تليفون أرضى برضه.
لكن اللى بجد حسسنى إن هذه العلاقة هتسيب علامة فى مشوارى العاطفى، من الصعب أن يمحوها الزمن، هو صمت القاهرة - حالة السكون والسكينة والهدوء اللى عمرى ما شفت لها زى فى أم حياتى كلها. أفتح شباك البيت فلا أسمع التعيين المعتاد من كلاكسات العربيات وصراخ العيال والكبار. حتى نسيم الليل بقى له طعم كأنه ما صدق يتنفس بحرية بدل تكديرنا المستمر له بالتلوث وعوادم العربيات وخلافه.
وفى الحظر كمان حبل أفكارك بيتمد براحته - وتلاقى نفسك بتفكر فى حاجات مجنونة - منها مثلا السؤال اللى سألته لنفسى: يا ترى مواثيق حقوق الإنسان بتنص على «حق الإنسان فى الاستمتاع بالصمت»؟
عموماً، أنا مع الغرام الجديد ممكن أكتب ألف صفحة - حظر بقى - ورانا إيه! بس إشفاقا عليكم.. كفاية كده.