لو أنه كان حياً لسألته: كيف فعلتها؟ الراحل حسن البنا. مؤسس جماعة الإخوان. منذ ٨٥ عاماً. كيف تمكن من أن ينشر فكرة جماعته ضد الوطنية المصرية؟ كيف نجح فى أن يجعل من مجموعة من المصريين ضد المشروع المصرى؟ ليس واحداً أو اثنين أو حتى مائة.. بل ألوفاً، أجيالاً وراء أجيال. كثيرون منهم يصرون على هذه الفكرة حتى الآن. كثيرون سوف يواصلون الإيمان بها!!
خُلقت المشكلة فى ملابسات غريبة. صارت اتجاهاً. أصبحت مشروعاً. وصلت مرحلة «طظ فى مصر». تمكن حسن البنا من إقناع أتباعه بأنهم الإسلام. أنهم فوق مصر. أنهم الأكثر تميزاً. أنهم فوق البشر. أن غيرهم هم المخطئون. أن الصواب لهم وحدهم. أن من حقهم تكفير الآخرين. لم يتمكن من هذا فقط. تمكن كذلك من أن يدفع آخرين للتطرف فوق تطرفه!!
عُرفت العنصرية والتمييز فى كل المجتمعات. ذبلت كما عُرفت. لم تدم. لم ينتصر فكر عنصرى فى التاريخ إلى الأبد. جاء له وقت وانهزم. سقط. فى جنوب أفريقيا هوى. فى الولايات المتحده ينزوى منذ عقود. فى أوروبا لم يتبق كما بدأ. بقى نوعان منه. حتى مؤسسو فكرة إسرائيل لم يعودوا يرددون الآن أنهم الشعب المختار. وحدهم الإخوان يعتقدون ذلك. أنهم فوق الجميع. فوق كل المتدينين. فوق كل المصريين. يؤمنون بما يسمى الأستاذية. أستاذية العالم!!
صنع حسن البنا الفكرة. حوّلها سيد قطب إلى كارثة. لم يكتف بالتمييز. التمييز يعنى أن هناك من هو أفضل. يعتقد شخص برقيه وارتقائه. ذهب سيد قطب إلى التكفير. الإخوانى ليس مميزاً فحسب. الآخر حسب هذا التطور خارج الإيمان. لم يعد مختلفاً، بل خصماً. ضد العقيدة. نهل الكثيرون من سيد قطب. استفحلت الفكرة. تحولت مرضاً سقيماً. يقول مصريون إنه سرطان يستوجب الاستئصال. يقول البعض بل يمكن علاجه كيماوياً. الذى خلق فكرة الإقصاء هو الإخوان. جاء محمد مرسى لكى يحول التمييز والتكفير إلى واقع سياسى!!
فى يد ما تبقى من الإخوان أن يعدلوا حركة تاريخهم. أن يتخلصوا من عنصريتهم. أن يهجروا فكرة تربوا عليها: أنهم غير البشر!! أنتم بشر مثل الآخرين. تخطئون وتصيبون. تأكلون وتشربون. هناك مسلمون أفضل منكم بالعمل. الله يقرر من هو الأفضل. ليس بين شروط الأفضلية أن تنحنى للمرشد. يمكنهم أن ينزعوا من معتقدهم هذه الخصوصية. أن يندمجوا فى المجتمع. أن يتحولوا إلى مواطنين لهم رأى مختلف. من الطبيعى أن يختلف الناس. ليس من الطبيعى أن يعتقد البعض أنه المميز إلهياً ودينياً.