من المهم جداً أن يعرف الذين خرجوا كالطوفان فى 30 يونيو، ضد عجز وفشل الإخوان، أنهم لم يكونوا وحدهم، وأن خروجهم بالملايين فى شوارع وميادين البلد كان يوازيه خروج آخر بالقوة نفسها، وإن لم يكن بالعدد ذاته، فى شوارع وميادين أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
فالعاصمة الأمريكية واشنطن - مثلاً - تتحدث الآن عن مصرى أصيل اسمه ماجد رياض، وهو مقيم هناك منذ فترة، وكان من بين المقربين من الراحل الكبير البابا شنودة الثالث، وهو أيضاً - أقصد ماجد رياض - لا يحمل شيئاً معه فى ترحاله سوى مصريته الخالصة التى لا يزهو بشىء سواها، على عكس آخرين نراهم بيننا ولا نرى لهم هماً، منذ انتصار إرادة الشعب فى 3 يوليو الماضى، سوى ضرب هذا الوطن وطعنه فى صدره والنيل منه طول الوقت.. ولكن.. دون جدوى!
هذا الرجل كان فى مدينة نيويورك يوم أن قيل إن أوباما، هذا الرئيس الأمريكى المقلب، سوف يلقى بياناً عن الأوضاع فى مصر، وما إن سمع «رياض» بالخبر حتى دعا المصريين فى المدينة إلى الذهاب لواشنطن، وقد اندفع بهم نحوها وكانوا فى عشرين أتوبيساً، وهناك، ومن أمام البيت الأبيض تحديداً، رفعوا لافتات بعرض الشارع ليفهم منها «أوباما» وغيره أن الصورة التى يتحدثون بها عنا ليست موجودة ولا صحيحة ولا علاقة لها بالحقيقة الماثلة على الأرض، من قريب ولا من بعيد، وفى الأثناء نفسها كتب هذا المصرى الأمين مقالاً فى الـ«نيويورك تايمز» يوم 24 أغسطس، لعل الأعمياء يقرأون.
وإذا كنا نجد أنفسنا اليوم أمام تحول طفيف فى موقف إدارة أمريكية عمياء، فالفضل فى هذا التحول يرجع إلى جهد رجال من نوعية ماجد رياض، وإذا لم يكن التحول الذى نريده قد حصل، فسوف يحصل، لأن الرجل مع آخرين معه يواصلون العمل، دون يأس، من أجل أن يفهم الذين لا يريدون أن يفهموا فى الولايات المتحدة، أن ما جرى فى القاهرة من 3 يوليو إلى هذه اللحظة كان تعبيراً عن إرادة شعبية مجردة وجارفة ولم يكن انقلاباً كما يردد ذوو الغرض والمرض فى أى مكان.
وسوف يكون شيئاً يدعو إلى التفاؤل أن نعرف أن «رياض» ليس وحده، فهناك آخرون إلى جواره وفى ذات الاتجاه، وإن كانوا هذه المرة فى أوروبا مثل الدكتور عصام عبدالصمد، عموماً، أو مثل مجدى إسحاق فى لندن، خصوصاً، فكلاهما يعرف أن وطنه فى حاجة إليه، وأن هذا الوطن يتعرض لأشياء صغيرة ودنيئة من صغار مفضوحين فى أكثر من مكان، ولذلك فقد نذر الثلاثة أنفسهم من أجل أن يستوعب مَن لا يريد أن يستوعب أن مستقبل مصر يقرره أبناؤها، وأن أبناءها هؤلاء هم الذين بادروا فى 30 يونيو، ورفضوا بصوت أسمع العالم كله أن تكون مصر غنيمة للإخوان.
كل رجل من هؤلاء الثلاثة العظام بألف وأكثر، من عينة الذين يتمسحون فى الإسلام فى كل صباح وهم أبعد الناس عن مقاصده العليا.