منذ أكثر من شهر، تدور المباحثات بين الجانب الإسرائيلى والجانب الفلسطينى برعاية أمريكية من أجل الوصول إلى اتفاق يسمح بظهور الدولة الفلسطينية، غير أن الأنباء لم تذكر شيئا عن دور حماس فى هذه المفاوضات، وكأن الأطراف المتفاوضة قررت ترك قطاع غزة بعيدا عن جسم الدولة الفلسطينية الجديدة إلى ترتيبات أخرى لا يعرف طبيعتها أو موعدها إلا الله، وهو ما يجعلنى ــ كمصرى ــ أشعر بالقلق، ليس على مصير أهل غزة، بل على مصيرى أنا كمصرى يعيش بجوار جماعة تحكم بشرا قررت أن تخرج بهم بعيدا عن أصول الجيرة بل عن قواعد الحضارة.
غير أنى أريدك أن تلاحظ أمرا أراه غريبا، وهو أنه لم يكتب كاتب مصرى حرفا واحدا عن هذه المفاوضات معلنا تفاؤله أو تشاؤمه من نتائجها، أو عن رفضه للدولة الفلسطينية الجديدة، أو عن ترحيبه بها، أو عن استنكاره لعدم اشتراك حماس فى التفاوض وخوفه مما يمكن أن يترتب على ذلك. هل معنى ذلك أنه لا أحد من الكتاب المصريين مهتم بالقضية الفلسطينية؟ أو بالتحديد، بوصول الفلسطينيين إلى دولة خاصة بهم؟
هل تريد أن تسمع الإجابة أم تريد منى إخفاءها؟
..حسنا.. اسمعها.. الكتاب المصريون بألوان الطيف ليسوا مهتمين بالقضية الفلسطينية.
لابد أنك سمعت مئات المرات عن أن القضية الفلسطينية هى القضية المركزية للأمة العربية، وأرى أن الجملة تمثل كليشيها كاذبا لا يعنى شيئا، غير أن المثقفين يرددونها وكأنها تعنى شيئا من المركزيات التى نعرفها، الأمن المركزى، الجهاز المركزى للمحاسبات، وهلم جرا.
اسمح لى هذه المرة بأن أضيف فئة ليست مهتمة على أى درجة بالشعب الفلسطينى، بل أراها تشكل أكبر الأخطار عليه، أقصد جماعة حماس الحاكمة لقطاع غزة، وهى تلك الأرض التى اقتطعتها من أرض الوطن لتصنع منها وكرا لإيواء أعداء الحضارة من وحوش الأيديولوجيات المعادية لكل البشر.
ليس معنى ذلك أنه لا أحد منا مهتم بما يحدث فى فلسطين، فعلى الأقل السيد وزير الخارجية سافر إلى هناك وتقابل مع القيادة الشرعية الفلسطينية، ومن المؤكد أنه اطمأن على متانة موقفهم فى التفاوض. اطمئن.. خير خير إن شاء الله خير.. هم ليسوا معنا الآن، ولن يكونوا معنا بعد إقامة الدولة.. هم الآن أعداء لنا، وغدا سوف تشتد عداوتهم. ما تعرفوش تبعتوا لهم حد من جماعة «تمرد» يمكن ربنا يجيب الشفا على إيديه.
لابد أنك تسأل: وهل أنت مهتم بالقضية الفلسطينية؟
الإجابة: مهتم بها من زاوية واحدة وهى تأثيرها على حياتى أنا هنا فى مصر، فلسطين ليست قضيتى المركزية، المصريون هم الأطراف وهم المركز بالنسبة لى.