لأن الجهل عقاب إلهى، والغباء عقاب أشد فإن متوحشى الإرهاب الإخوانى لا يعرفون حتى كيف يكون الإرهاب؟ ولا لماذا؟ ولا ضد من؟ وكان هذا الدرس الخصوصى ضروريا لعلهم يفقهون، ونبدأ:
■ الجهاد: ويعنى المشقة والجد فى الأمر وفى القرآن الكريم «وأقسموا بالله جهد إيمانهم». (قاموس الوسيط)
■ الإرهاب: ورهب بمعنى خاف. أرهبه أى أخافه وفى القرآن «وإياى فارهبون». و«لأنتم أشد رهبة فى صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون» وترهب أى خاف غواية الدنيا فأصبح راهبا. (قاموس مختار الصحاح) (وهنا نلاحظ أن ما فعله الإخوان لا هو جهاد ولا هو إرهاب فالناس الذين كرهوهم لم يخافوا وإنما هاجموهم ورجموهم. اغتاله أى أخذه على غفلة منه وقتله. ويقال قتله غيلة أى عمداً وبالخديعة. فتك أى قتله مجاهرة يقول الزمخشرى «الفتك القتل جهراً وعلى حين غرة» (الوسيط والزمخشرى - الأساس).
ونتوقف لنتأمل. فالجرائم التى ارتكبت لا هى جهاد ولا حتى إرهاب. وإنما قد تكون اغتيالاً أو فتكاً. فما حكم ذلك فى الإسلام؟ يقول الفخر الرازى فى تفسيره للآية «إن الله يدافع عن الذين آمنوا. إن الله لا يحب كل خوان كفور» (الحج – 38) إن مسلمى مكة استأذنوا الرسول فى أن يقتلوا سراً المشركين الذين آذوهم، فنهاهم قائلاً «الإيمان قيد الفتك لا يفتك مؤمن» أخرجه أبو داود. وهكذا فإن القرآن والحديث الشريف يرفضان الاغتيال والفتك مهما كانت الدوافع حتى ولو كانت ضد المشركين الذين عذبوا وقتلوا المسلمين. يقول ابن جرير الطبرى «لقد أجرى الله الأحكام بين عباده على الظاهر وله وحده الحكم على سرائرهم فليس لأحد أن يحكم بخلاف ما ظهر له لأنه حكم بالظنون» (الجامع فى أحكام القرآن. جـ1 – ص 200).. وتعالوا نقرأ معا فى القرآن الكريم «وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون، الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون» (الحج 68) وأيضاً «من يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه». ولأن التقاتل بين المسلمين كان أساساً حول السلطة وليس حول محض الإيمان، فإن البعض يشهر سيفه باسم السماء معلناً أنه يحارب الكفار فإذا صدقنا الطرفين نجد كفاراً يحاربون كفاراً وإن لم نصدقهما نجد مسلمين يحاربون مسلمين.
وعندما اشتعل الخلاف بين على ومعاوية طلب كل طرف من الصحابى سعد بن أبى وقاص وكان فارساً شجاعاً ومهيباً أن ينضم إلى جانبه محارباً فى صفه، فصاح سعد «والله لا أقاتل حتى تأتونى بسيف له عينان وشفتان فيقول هذا مؤمن وهذا كافر». وعلى ذات النهج سار أيمن بن خزيم الأسدى إذ طلبه عبد الملك بن مروان ليقاتل معه «المرتد» عبد الله بن الزبير كما وصفه مروان فقال له «يا أمير المؤمنين حتى لو كان هو مرتداً فهل كل من يحاربون معه مرتدين؟ فقال عبد الملك: بالطبع لا، فقال الأسدى: إن سيفى هذا أعمى لا يميز بين المؤمن والكافر. فإن أردت منى مقاتلتهم فأعطنى سيفك الذى لا يقتل إلا الكفار وحدهم»، ولكن عبد الملك لم يتعظ فأطاح بالأسدى وكل بنى أسد.
لكن ذلك لم يحل المشكلة، ويمضى البعض ليقتل البعض بقلب بارد مطمئناً إلى مكان فى الجنة.. بينما الآية الكريمة تحلق فوق رؤوسنا جميعا «قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً». ويا دعاة الإرهاب فى الإخوان.. ما تفعلونه تأسلم متوحش وليس إسلاماً وأنتم بفعله الأخسرون أعمالاً.. ولكنكم تحسبون أنكم تحسنون صنعاً. وأختتم هذا الدرس الخصوصى بوصية الرسول إلى بريده «إذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك أنت، فإنك لا تدرى أتصيب حكم الله فيهم أم لا». ويا أيها الإخوانى.. إنك لا تدرى أتصيب حكم الله فيمن تقتل، فارحم نفسك وارحمنا.