سألته: ما دلالة كف أسود بأربعة أصابع مفرودة وإبهام مثنى وسط مربع أصفر فاقع؟
قال: الإخوان وأعوانهم ممن يطلقون على أنفسهم أنصار الشرعية.
■ هل يعنى ذلك أن الإخوان تنازلوا عن شعارهم السابق بالسيفين والمصحف؟
- لا أعتقد.
■ لماذا يرفعون هذا الكف الناقص إذن؟
- لأنهم يريدون تخليد اعتصام رابعة.
■ ولماذا رابعة بالذات؟.. لماذا لم يفعلوا ذلك مع اعتصام النهضة، وإذا كان المقصود صناعة هولوكست لمجرزة ما، فلماذا نسوا محاولتهم الأولى لصناعة ما أطلقوا عليها مجزرة الحرس الجمهورى؟
- لا أدرى، ولكن يبدو أن الإخوان لا يصنعون شيئا، ولا يخططون لشىء، فالشعار جاءهم جاهزا من مكان فى السماء، وبما أنهم جماعة سلمت بالطاعة العمياء، وتلتزم بتنفيذ الأوامر، فإنهم نفذوا فقط ما أمرت بها قياداتهم.
■ لكن الشعار ظهر أول مرة فى تركيا بمعرفة أردوجان؟
- هذا يكشف، جانبا مهما من الحقيقة الإخوانية التى تدار فى الخارج، من خلال مصالح ليست بالضرورة نابعة من مصالح مصر فى الداخل.
■ هل تقصد التنظيم الدولى للإخوان؟
- التنظيم وغيره من القوى التى تستخدم الإخوان.
■ هذا يفسر الكثير من الأمور ويربط بينها.. أداء قناة الجزيرة، الموقف التركى، تحركات وتصريحات الجماعة فى عدد من الدول، كما يفسر مواقف العديد من وسائل الإعلام العالمية، التى لا تنتمى بالضرورة للإخوان لكنها جزء من أداء مخابراتى دولى واسع، أو من أداء تمويلى ومالى بعضه عن طريق شراء حصص كبيرة من أصول هذه الوسائل، أو الاكتفاء باسئتجار بعضها عن طريق شركات تسويق دولية مثل «هاردن جلوبال»، وغيرها.
- لماذا بدأت المناقشة بالسؤال عن شعار رابعة؟
■ حاولت قراءة دلالة الشعار فى ضوء علم السيميولوجى، فالجماعة الآن نسيت مبادئها الأصلية، ويقاتلون بنوع من العناد المريض لتخليد «دولة رابعة» التى عاشوا فى أوهامها حتى صدقوها، كما فعل بعض اليساريين قديما مع «كوميونة باريس»، فقد صارت «رابعة» بالنسبة للإخوان هى دولة التعويض عن الحلم الضائع، فقد كانوا يديرون الميدان بسلطة مطلقة خارج سيطرة الدولة الأم، رابعة لم تكن مجرد اعتصام تم فضه، لكنها كانت «دولة من خيال»، ولما انهارت فى ساعات قليلة، حدث نوع من الصدمة التى أدت إلى ما يشبه لوثة عقلية، ساعد عليها الاستمرار فى رفض الواقع، فبدلا من الإفاقة وإدراك اللحظة، تشبثوا بواقعهم الموازى، وتشددوا فى الدفاع عن دولتهم الموهومة بأساليب رمزية من بينها التلهف على علم جديد، حتى لو تناقض فى لونه الأصفر الاستفزازى، ودلالاته البدائية مع لون شعارهم الأخضر وأساليبهم التى تغازل المأثور الإسلامى، هكذا سقط تجار الدين فى فخ مصممى اللوجوهات، فابتعدوا عن تراثهم، وتمسكوا بأيقونة فقيرة الدلالة تخاصم تاريخهم، وتتصالح مع الاستخدام العابر لرواد الفيس بوك.
- وهل تتصورين أن مشكلة الإخوان تأتى فقط من اختيارهم الخاطئ لشعار المرحلة؟
■ المشكلة ليست فى اختيار الشعار، لكن المشكلة فى العقلية التى دفعت الإخوان لهذا الطريق، بكل ما حدث فيه من كوارث لهم وللوطن، وأنا شخصيا لا أنسى تصريحات خيرت الشاطر الواضحة قبل انتخابات البرلمان، لقد كانت قراءة مبكرة لكل ما حدث، ودائما أسال نفسى: إذا كان هذا الرجل قد أكد على «المشاركة لا المغالبة»، وحذر من مخاطر خوض انتخابات الرئاسة (وهو ما تحقق بالفعل حسب كلامه السابق)، فمن الذى دفع الجماعة لتغيير مواقفها، وإلقاء نفسها إلى التهلكة التى كانت أول من أدركها وحذر منها... هذا هو السؤال الذى يجب أن يسأله أعضاء الجماعة لقادتهم، ليعرفوا من هو «جيمى جونز الإخوانى» الذى قادهم لخطيئة الانتحار الجماعى.