أخشى أن يدخل المصريون فى دائرة الإحباط بسبب تباطؤ الحكومة فى تحريك عجلة الإنتاج، ما كنا نتوقع البيات الشتوى الذى دخلت فيه الحكومة منذ تشكيلها مع أنها تضم مجموعة من الوزراء يمثلون الصفوة فى الكفاءة والفكر المستنير وعلى الرغم من ذلك لم تظهر المؤشرات أو الدلائل لخطة اقتصادية عاجلة على الطريق.. مع أن وجود عالم اقتصادى مثل حازم الببلاوى على رأس هذه الحكومة هو ورقة ضمان لمستقبل مشرق ينتظر المصريين.. المهم أن يأتى أو تبدو ملامحه.. حتى لا يصدم الشارع المصرى الذى كان يتوقع منها التفاعل مع قضاياه، فقد كان مطلوبا منها أن تطرح مشروعات استثمارية حتى ولو كانت برأس مال مصرى تستوعب عددا من الشبان الذين يعانون البطالة.. وهنا أقول للحكومة إن الاستقرار الأمنى لا يتحقق إلا بتشغيل الطاقات المعطلة، ووزير الاستثمار ليس غريبا على الاستثمار ويعلم هذه الحقائق جيدا ولا أعرف لماذا اختفى من الساحة مع أن فرصته الآن الثأر لكرامته بعد أن أقصاه الإخوان وعليه أن يظهر ويستكمل العمل فى المشاريع التى توقفت بسبب الأحداث.. صدقونى إن إعادة تشغيل المصانع التى توقفت سيكون أول المدافعين عنها هم العاملون فيها..
عالم كبير مثل الدكتور الببلاوى لماذا لا نستفيد منه، ولماذا نتركه فى متاهات القضايا السياسية أو الأمنية وعندنا وزير داخلية اجتاز الامتحان بتقدير ممتاز وإن كان وزير الخارجية لا يزال فى بداية الطريق وقد يفاجئنا بخطة دبلوماسية يكسر بها رقبة الأتراك والأمريكان.. وكون أن أطالب الدكتور الببلاوى بالتفرغ لاقتصاد البلد فالمصريون يعرفون أن الرجل لم يأخذ فرصته أيام أن كان نائبا لرئيس الوزراء فى أول حكومة لتيسير الأعمال برئاسة عصام شرف.. وفرصته الآن أن يكشف لنا أن حكومته ليست ضعيفة أو أنها حكومة شعارات..
نحن نعلم أن الدكتور الببلاوى كان شجاعا فى إعادة هيبة الدولة ويعمل الآن على استكمال أركان الدولة من خلال خارطة الطريق، الرجل يعلم أننا لن نعود إلى مائدة الحوار مع صندوق النقد الدولى قبل الانتهاء من تعديل الدستور أو الانتخابات التشريعية ثم الانتخابات الرئاسية لأن الصندوق لا يتعامل إلا مع الدول التى لها كيان دستورى ولذلك عليه أن يملأ المساحة التى تشغلها المرحلة الانتقالية بمشاريع إنتاجية تحدث انتعاشا فى الأسواق على الأقل يسعد المواطنون بها وينصرفون عن الأحداث التى توتر أعصابهم.. لماذا لا تساهم البنوك فى رفع الأعباء المالية عن المصانع المتعثرة ماديا بشراء أسهم بقيمة مديونياتها فى هذه المصانع، فشراكة البنوك فى المصانع المتعثرة يعيد لها قوتها ويرفع من قيمة أسهمها، ومن المؤكد أن الحكومة لديها حصر بهذه المصانع والتى يقارب عددها الأربعة آلاف مصنع الإنتاج فيها متوقف بسبب تدهور الحالة الاقتصادية.. ما الذى يضير محافظ البنك المركز وهو من الاقتصاديين الذين لهم وزن وثقل على الساحة فى أن يجرى دراسة عن إنتاجية هذه المصانع بواسطة خبراء حتى يضمن قيمة الأسهم التى تحصل عليها البنوك عوضا عن مديونياتها فى هذه المصانع..
الذى أريد أن أقوله إن الشارع المصرى ينتظر فى لهفة أداء سريعا للحكومة، المهم أن نرى عائدا من عملها فى ضبط الأسواق وتحريك عجلة الإنتاج، وتوفير فرص عمل حقيقية للشباب الذى أصبح يصارع مع الحياة وعلى الحكومة أن تعلم أن الشباب فى رقبتها واستقطابه فى هذه الظروف أصبح سهلا، ومن يطل على المسيرات المعادية للإرادة الشعبية وثورة يونيو يجد أن مئات المشاركين فيها من الشباب وأن مشاركتهم ليست عن قناعتهم بالإخوان لكن لحاجتهم إلى المال.. إذن فرص العمل سوف تعيد لهم عقولهم المغيبة وسوف يكونون من دعائم الاستقرار.. الحكومة تعى هذا جيدا ولا أعرف لماذا تتباطأ فى الأداء.. نحن نريد أفعالا لا أحلاما وعلى الوزراء أن يكفوا عن طرح المشروعات الوهمية فى الصحف والفضائيات وعليهم أن يفهموا أن الشعب قد بلغ سن الرشد ولن يسمح لأى نظام بأن يضحك عليه..
خلاصة الكلام نريد من وزراء الببلاوى أن يلتحموا مع الشارع المصرى فى إدارة عجلة الإنتاج بإعادة التشغيل والعودة إلى خريطة التصدير.. إن الاستقرار لا يأتى بربط الأحزمة أو الضحك على العقول.. لكن إشباع البطون هو الأهم.. اللهم بلغت اللهم فاشهد..