ايجى ميديا

الأربعاء , 25 ديسمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

حكاية من سورية

-  
نشر: 4/9/2013 1:20 ص – تحديث 4/9/2013 9:10 ص

من 29 شهرا والأخبار التى ترد إلينا من سورية لا تسر أى محب، فالمحزن أن الأطراف المتصارعة فيها كلها على غير حق، لا أحد يريد لنظام بشار الأسد الوحشى أن ينتصر، ولا أحد يؤيد انتصار المرتزقة التابعين للقاعدة، وفى أتون هذا الصراع يدفع شعبا من أفضل الشعوب العربية الثمن فادحا من دمه ومن أعمار أبنائه. وها هى قوى الغرب الموكلة بتدمير العالم تستعد لتوجيه ضربة ساحقة أخرى لهذا الشعب، نشعر جميعا أنها موجهة إلينا، عندما وقف الرئيس السابق مرسى ليقطع علاقتنا بسوريا لم يكن قد قرأ التاريخ ولا رأى حقائق الجغرافيا، فقد تم زرع إسرائيل فى هذا الموقع ليقطعنا عن سورية، ليجعل منا جسدين منفصلين إلى الأبد، كانت سورية دائما امتدادا طبيعيا لمصر، كل المعارك التى انتصرنا فيها كانت على أرض الشام، بينما شهدت صحراء سيناء كل هزائمنا، و«ما غُزِى قومٌ فى عقر دارهم إلا ذَلّوا» كما تقول كلمات الحديث الشريف، أى أننا كنا دائما فى حاجة لسوريا حتى ننتصر، وما يحدث على أرضها الآن من خراب هو انكسار لنا، وتحضرنى الآن حكاية من التاريخ الذى هو وسيلتنا الوحيدة للهروب من بؤس الحاضر.

بعد موت الناصر صلاح الدين، القائد الذى استطاع أن ينتصر على الصليبيين فقط، لأن مصر وسوريا كانا يدا واحدة، تقسم ملكها بين أبنائها، فى مصر كان ابنه «العزيز» قانعا بملكه، ولكن الملك «الأفضل» فى دمشق كان ممتعضا، منذ أن تولى الحكم وهو يتساءل: كيف أكون الأخ الأكبر ويكون نصيبى هو الأصغر؟ كانت هذه مصادفة قدرية وغير مبررة، أن يكون فى دمشق عندما مات أبوه السلطان «صلاح الدين» فتصبح هى نصيبه من الملك، ويكون «العزيز» فى مصر فتقع فى يده، قسمة غير عادلة جعلت التضاريس تضيق من حوله، ولا تتسع لحركته، لم يكن يريد أقل من العالم بكل الامتداد الذى امتلكه أبوه ذات يوم وسارت فيه جيوشه.

استدعى عمه «الكامل» الذى كان حاكما على حلب، كامنا هناك كصقر عجوز يرقب أولاد أخيه وهم يتخبطون كأفراخ ذات زغب، تعرى لحمها الطرى بسذاجة للمخالب المتأهبة، سافر إلى دمشق حيث يجلس ابن أخيه غاضبا متبرما فوق عرشه وهو يقول: ألست الأخ الأكبر؟ ألم أكن أستحق الملك الأكبر؟ ألم أكن أستحق الملك كله؟ ولم يكن أمام «الكامل» غير أن يوافق قائلا: الحق معك يا ابن أخى. انتشى «الأفضل» من موافقة عمه السريعة وعاد يقول: أليس لى الحق فى أن أرجع ملك أبى الذى ذهب إلى من لا يستحقه؟ وأومأ «الكامل» مرة أخرى قائلا: لم تخرج عن عين الصواب يا ابن أخى. ووصل الأفضل إلى السؤال الحرج: أليس لى الحق، كل الحق، فى ملك مصر؟ وقال الكامل على الفور: هى لك يا ابن أخى.. لكن الرسائل لن تجدى، ليس أمامك إلا تجهيز الجيوش؟

بدأ «الأفضل» يعد جيوشه على الفور، أحضر قواد أبيه الذين كانوا قد أخذوا عاما من الراحة بعد أن مات صلاح الدين وأمرهم أن يجلوا الصدأ عن سيوفهم القديمة، واستيقظت الجياد ووقف هو وعمه على الأسوار يشرفان على إعداد كل التجهيزات، وتقدم أمير الجيوش ووقف أمامهما، وكان قد حارب طويلا تحت إمرة الأب ويعرف آخر أمنياته، قال للأفضل: كل شىء أصبح تاما يا مولاى، والجيش الآن مستعد للسير إلى «عسقلان». كان حصن عسقلان هو أعتى حصون الفرنج، وكانت أمنية صلاح الدين أن لا توافيه المنيَّة قبل أن يستولى عليه، فلو سقط ستتهاوى بقية حصونهم كالطيور الذبيحة، ولكن «الأفضل» رد على القائد فى برود: لن يسير الجيش إلى «عسقلان»، الجيش سائر إلى مصر. ولم يفهم قائد الجيوش شيئا، أدار بصره بين الأفضل والكامل، ثم هتف فى فزع: هل دخل الإفرنج إلى مصر؟ قال الأفضل بنفس البرود: هذه المرة لن نحارب الإفرنج.

وهبط القائد الدرج وهو لا يدرى أين يضع قدميه، ولم تمض لحظات حتى خفتت صيحات الجند، وكفت الخيل عن الصهيل، وخيم على المدينة صمت قاتم، ولكن «الأفضل» ظل يواصل استعداداته، أمر الحريم أن يستعددن للانتقال، والغلمان أن يخرجوا كل الأمتعة، لا جدوى من بقاء أى شىء يخصه فى دمشق ما دامت قلعة الجبل فى انتظاره، وجاء قاضى دمشق وخلفه مشايخ الجامع الأموى، كان القاضى منزعجا: يا مولاى، هل نتبع شريعة الله، أم نعيد معصية قابيل وهابيل؟

قال «الأفضل»: لم أطلب سوى حقى، ولو تنازل أخى عن العرش طائعا فسيظفر بحياته.. قال الشيخ: وإذا رفض؟ فلم يتكلم ولكن الجواب بدا فى مضاء عينيه، انسحب الشيوخ بعد أن أدركوا أنهم غير قادرين على إقناعه بالتراجع، ولكنا التجار جاؤوا فى الصباح، قالوا: هذا الصراع سيزرع هذا العداء بيننا وبين تجار مصر، وقد مولنا معا الحرب ضد الإفرنج، وقد ينتهزون فرصة الشقاق ويقطعون علينا طريق القوافل.

لم يأبه «الأفضل» بالرد عليهم، وبدأ جيشه فى المسير دون أن يخرج أحد لوداعه، ظل الأهالى داخل بيوتهم، كانت هذه أسهل الغزوات ولكنها أكثرها مرارة، والجيش يقيم ويرحل فى صمت، يمر عبر كل حصون الإفرنج دون أن يتعرضوا لها ودون أن تتعرض لهم، بشكل خفى كانوا يدركون غايته ويباركون خطوته، وصلوا إلى حدود غزة، ولم تبق إلا خطوات ويدخلون سيناء، وكان معظم الجنود يحفظون معالمها، فأجهش واحد منهم فى البكاء، وظل «الكامل» صامتا، لم يتكلم إلا عندما سار أمير الجيوش بجانبه ورأى رعدته فقال له: هل أنت خائف؟ قال القائد: لا والله، ولكن سوف ألقى فرسانا حاربت معهم واختلطت دماؤهم بدمائى وتداخلت جروحهم فى جروحى فكيف ألقاهم وأواجههم دون خزى أو خجل؟! وصمت الكامل قليلا ثم قال: الله غالب أمره.

وعادت العيون التى أرسلها الأفضل فى اليوم التالى لدخولهم سيناء، كل شىء هادئ لم يشعر أحد بقدومهم حتى الآن، وإذا سارت الأمور على هذا النحو فسيصلون إلى الصالحية دون جلبة، ويباغتون «العزيز» داخل القاهرة، شعر «الأفضل» بأنه قد ظفر بالمعركة مقدما، وأشار إلى الجيش أن يواصل التقدم، ولكنه فوجئ بعمه «الكامل» وهو يقول له فى حزم: تمضى وحدك إن شاء الله.

لم يدرك «الأفضل» معنى ما يحدث، ولكن حين نظر إلى وجه القواد والجنود أدرك أنهم جميعا قد استدرجوه إلى أبعد مكان عن مملكته، أطاعوه حتى أضاعوه كان بَرِمًا بملكه الضيق الخانق فأعطوه ملك البراح الواسع، متاهة الصحراء، أصدر «الكامل» أوامره للجنود أن يرشقوه بالسهام إذا حاول أن يتبعهم، ثم استدار بالجيش عائدا إلى «دمشق» وأصبح الأفضل وحيدا فجأة، لا يشاركه أحد فى ملك الخلاء.

التعليقات