ما إن أعلنت رئاسة الجمهورية أول من أمس عن أسماء أعضاء لجنة الخمسين الدستورية حتى وجدنا أن المصريات والمصريين قد شمَّروا عن أكمامهم وبدؤوا بهمة شديدة فى ممارسة هوايتهم الأثيرة والمحببة وهى اكتشاف «القطط الفاطسة» كما يقال فى الشخصيات التى تم اختيارها لعضوية اللجنة الموقرة ومعايير هذا الاختيار ومدى ملاءمتها وموضوعيتها، ولا أخفيكم سرًّا أننا جميعا بدرجة أو بأخرى يمكن أن يكون لدينا بشكل أو بآخر تحفظات أو تساؤلات أو حتى اعتراضات على بعض الأعضاء ومدى تمثيلهم كما هو التعبير المستخدم لألوان الطيف السياسية فى المجتمع المصرى وكما تلاحظون فأنا لم أقل «العضوات» لأن فى هذا الموضوع الخاص بتمثيل المرأة يمكنك أن تحدّث ولا حرج! خمس عضوات يا مؤمنين فى اللجنة المكونة من خمسين شخصية وده بعد ثورتين ورئيسين معزولين ودعوات بإقامة الدولة المصرية الديمقراطية الحديثة؟ الحقيقة أننا هنا وبلا أدنى شك نواصل بنجاح منقطع النظير استكمال التقليد المصرى العتيد باستغلال النساء كورقة ضغط سياسية أو كوسيلة لتجميل الصورة «الديمقراطية الليبرالية المهلبية... إلخ» ولكن للأسف دون إيمان حقيقى أو اقتناع مخلص بدور المرأة وأهميته فى صياغة مستقبل وطنها، فلا حول ولا قوة إلا بالله وكما يقول عنوان فيلم فنانتنا العبقرية فاتن حمامة فلا عزاء للسيدات! المهم، ما علينا، نرجع مرجوعنا للانتقادات المتطايرة فى الهواء حول عضوات وأعضاء اللجنة ومشروعية وجودهم بها لنحاول أن نبسّط الصورة وننظر إلى الجانب الإيجابى لها علشان نزقّ المركب للأمام قبل ما يغرق بينا فى شبر مَيَّة. ولكى لا نختلف من أولها دعونا نفترض أن هذا التشكيل المقترح للجنة الخمسين ليس بالتمثيل الأمثل لها وأنه كان من الممكن أن يكون أفضل من ذلك لو كان قد تم إجراء مزيد من المشاورات والمباحثات والاستطلاعات والاجتماعات وتبادل الحكايات والرجوع للمأثورات والنميمة على الشخصيات وإرسال البرقيات وتنظيم الوقفات والإعلان عن الاحتجاجات... وهلمَّ جرّا إلى الأبد إلى الأبد بحيث نورِّث قضية مناقشة مشروع قانون الخبراء العشرة حول الدستور إلى زمن أحفاد الأحفاد ربنا يديهم طولة العمر والصبر! طيب حتقولولى: ما المنهج المثل والأسهل والأبسط فى معالجة وتناول هذا الموضوع اليوم فى هذة اللحظة حتى لا نعطل المراكب السايرة؟ مقترحى هنا أن المهم والحاسم فى هذا الموضوع يدور حول سؤال محورى: هل هذة «المكنة حتطلع قماش؟» بمعنى آخر هل هذة اللجنة الخمسينية بشخصياتها سواء المتوافَق عليها أو المختلَف بشأنها ستؤدى الغرض المطلوب منها؟ يعنى هل ستنجح فى إصدار مشروع دستور يليق بمصر الديمقراطية المستنيرة المتحضرة أم لا؟ هل ستكون معبره عن الكتلة الرئيسية فى المجتمع المصرى وحامية لجميع الحقوق والحريات لكل المصريات والمصريين على قدم المساواة دون انحياز أو إقصاء؟
فإذا كان هناك قدر معقول من الاتفاق حول مصداقية ونزاهة اللجنة المذكورة ككل وأشخاصها كمجموعة وليس كأفراد منفصلين لدى البعض اعتراضات على أشخاصهم أو مؤهلاتهم، فلماذا لا نمنحها فرصة العمل ونحكم على ما سيصدر عنها من إرهاصات وتوجهات؟ وفى حالة ما إذا ثبت أن ذلك سيكون متسقا مع طموحات وآمال الشعب المصرى فى مستقبل أفضل فهل يمكن الاتفاق بيننا بشكل عام على أن نتمنى لهم التوفيق فى مهمتهم التاريخية ومسؤوليتهم الوطنية إلى أن نرى ما يثبت فشلهم فى القيام بذلك؟ هل يبدو ذلك معقولا فى نظر حضراتكم؟ أتمنى أن توافقونى على ذلك لأن الخيار الآخر المتاح هو أن نترك مسألة إصدار الدستور الآن ونركنها على جنب وننشغل بتصفية حسابات مع شخصيات بعينها لأسباب متنوعة أو أجندات خاصة ونعطل عمل اللجنة حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا مما سيقضى قضاءً مبرما على أولى خطوات خارطة الطريق التى نزل الملايين من الشعب المصرى إلى الشارع بأمل تحقيقها لمجرد أن نحرز نقاطا ضد بعضنا البعض ونزايد على البعض أمام الرأى العام ونعترض على عمل اللجنة قبل أن تبدأ العمل أصلا!! فهل هذا معقول؟ بالطبع لا، فربنا يكرمكم دعونا ننتظر ونأمل وندعو أن المكنة تشتغل وببركة دعاء الوالدين إن شاء الله تطلع قماش!