ظهرت فى أعقاب الثورة المصرية فى سيناء قوى متشددة تتبنى أفكار الجهاد والتكفير والهجرة من أبرزها: شورى المجاهدين، وأنصار الجهاد، والتوحيد والجهاد: وتركزت ضربات المسلحين المتشددين فى مناطق الشيخ زويد والعريش ورفح فى محافظة شمال سيناء، وقد دفع ذلك القوات المصرية إلى ملاحقتهم فى مناطق عدة من شبه جزيرة سيناء، أبرزها منطقة جبل الحلال جنوب العريش، أما فيما يتعلق بحجم السلاح فقد تضاعف فى سيناء منذ ثورة 25 يناير بنسبة 50%، ولذا فإنه من المؤسف أن تكون سيناء حالياً هى المنطقة الرخوه فى الجسد المصرى، رغم ما دفعه المصريون من دماء وأرواح أبنائهم لأجل تحرير هذا الجزء الاستراتيجى فى الخريطة المصرية، الذى أصبح مطمعاً للتدخلات الخارجية، وبوابة مكشوفة لتهديد الأمن القومى المصرى.
ولقد كان العام الذى حكم فيه الإخوان مصر هو العصر الذهبى فى علاقة حركة «حماس» مع نظام الحكم الإخوانى فى مصر، الذى سعت فيه حماس لتحقيق معظم أهدافها الاستراتيجية فى سيناء من استيلاء على أراض ومنازل، وتجنيس للفلسطينيين بالجنسية المصرية، ومد النفوذ الحمساوى إلى معظم مدن وقرى سيناء، وزيادة عدد الأنفاق، بل انتقل نفوذ حماس من سيناء إلى داخل المحافظات المصرية. أما على الصعيد الداخلى فى مصر، فقد قرر الإخوان بالتعاون مع حماس استغلال الفراغ الأمنى، الذى حدث عقب ثورة 25 يناير، والاستفادة منه بتسلل عناصرها إلى سيناء، وداخل مصر، لخدمة أهداف جماعة الإخوان فى السيطرة على الحكم فى مصر، واعتقدت أن نظام حكم الإخوان سيمكنها من فتح معبر رفح على مصراعيه أمام غزو جحافل الفلسطينيين لسيناء، والسيطرة عليها. كما عملت حماس على تنفيذ المخطط الأمريكى الإسرائيلى القديم والحديث والمعروف باسم «جيورا أيلاند» لاستحواذ حماس على 750 كم2 من شمال سيناء حتى العريش، وضمها إلى قطاع غزة، لإقامة ما يسمى «غزة الكبرى»، لتكون مقراً لدولة فلسطين المستقبل، مع ضم الضفة الغربية إلى المملكة الأردنية.
واليوم المشكلة تتعلق بعدد يقدر بألوف العناصر الجهادية، التى تستخدم أسلحة متطورة فى محاولة لإقامة إمارة إسلامية فى المنطقة «ج» الممنوع دخول الجيش المصرى فيها وفقاً لاتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، حيث تقع هذه المنطقة بين رفح والعريش، مما يحثنا على استكمال الجدار العازل حماية لأمن مصر القومى.
ولعل من أبرز الأمثلة التى قامت بها دول أخرى لبناء الجدران العازلة ما شرعت فيه السعودية فى 2006 على طول حدودها مع العراق الممتدة على مسافة نحو 900 كم... كما قامت المغرب فى مطلع الثمانينيات ببناء فى الصحراء الغربية عدد من الجدران بطول 2300 كم، وارتفاع يتراوح بين مترين وثلاثة أمتار، لمنع تسلل ناشطى جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادى الذهب. أيضاً شرعت فرنسا مع بدايات الحرب العالمية فى بناء خط «ماجينو» الدفاعى، لحماية أراضيها من هجوم ألمانى محتمل، واستمر بناء الخط على مدى عقود انتهى أمره بأن اجتاحته القوات الألمانية فى 1940. كما بنت ألمانيا خط «سيغفريد»، وجدار الأطلسى الممتد من النرويج إلى فرنسا، ويبقى الجدار الأقدم على الإطلاق سور الصين العظيم، الذى بنى فى القرن الثالث قبل الميلاد بطول نحو سبعة آلاف كم، وارتفاع يزيد على ثمانية أمتار، وعمق يصل إلى أكثر من ستة أمتار، وكان الهدف من ورائه حماية الإمبراطورية الصينية من هجمات البرابرة، ومؤخراً تعتزم إسرائيل أن تقوم ببناء جدار مائى بين مدينتى إيلات وطابا، استكمالاً للجدار العازل على الحدود المصرية - الإسرائيلية، نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية فى شبه جزيرة سيناء. يأتى ذلك فى الوقت الذى اقتربت فيه إسرائيل من بناء آخر 15 كيلومترا من الجدار العازل على الحدود المصرية، الذى يمتد من إيلات شمالاً وحتى معبر كرم أبوسالم جنوباً، ويبلغ طوله 220 كم.
من ناحية أخرى تسارع السلطات السعودية فى عملية بناء الجدار العازل على حدودها مع اليمن، لإيقاف عمليات التسلل، وتهريب السلاح والمخدرات، حيث تراوح معدل من يتم ترحيلهم بين 1000 و2000 متسلل أسبوعياً غالبيتهم من إثيوبيا، تشاد، النيجر والصومال.
وأخيراً يبقى أن نعمل على تنمية سيناء سواء على المستوى القومى أو الإقليمى أو المحلى، وذلك لتدعيم المكانة الدولية لمنطقة القناة وسيناء، وتعظيم دورها فى مجالات الاستثمار والتجارة الدولية، انطلاقاً من موقعها الجغرافى المتميز، ومقوماتها الطبيعية والاقتصادية، ولتقوية أواصر العلاقات الاقتصادية بدول الجوار العربية، والشرق أوسطية، وحوض البحر الأبيض المتوسط، ولتعزيز القدرات التصديرية للمنطقة سواء فى المجالين السلعى أو الخدمى، ودمج سيناء فى الكيانين الاجتماعى والاقتصادى للدولة.
كما أنه من الضرورى إدخال الزراعة فى منطقة جنوب سيناء باعتبارها ذات أهمية خاصة، لاعتمادها على النشاط السياحى، وذلك لدعمها ويمكن الاستفادة من مياه وادى تير قبل أن تصب فى خليج العقبة من خلال إقامة السدود التحويلية مع تسهيل الإجراءات الإدارية، بهدف تعمير وفتح أفق الاستثمار فى سيناء الغالية.