هل يستوعب الإخوان ما جرى فى جمعة الحسم البائسة اليائسة الهزلية والهزيلة؟
بالقطع لا.
الذى يعتقد أن الإخوان يملكون القدرة على النظر فى الواقع ورؤيته كما هو والتعامل بالمنطق والعقل، عليه أن يتأكد أنه واهم تمامًا.
إن المشكلة الأساسية أن البعض يتخيّل أن الإخوان يفكّرون مثل المواطن الطبيعى والعادى، ولكن الحقيقة أن الإخوانى يفكّر كالإخوانى.
أنت ترى المظاهرات الإخوانية ضعيفة وهزيلة وتعبّر عن فقدان الجماعة القدرة الوحيدة التى تملكها بنجاح، وهى قدرتها على الحشد، وأنت ترى الجماعة مجنونة تَعِد الناس بالحسم فى يوم يخرج تافهًا وفارغًا وعاديًّا ليس فيه إلا كشف آخر لكذبة الإخوان وأكاذيبهم.
أنت ترى الجماعة منهارة فى مواجهة شعب، فالشعب هو مَن يلعنها ويكرهها ويمقتها ويطردها ويطاردها ويلفظها ويزدريها، كل هذا تراه لأنك إنسان طبيعى ولست إخوانيًّا.
الإخوانى يرى عشرة آلاف فى مظاهرة مدينة نصر باعتبارهم مليون متظاهر، ويصدّق بمنتهى المرض المثير للشفقة أن المظاهرات فى كل المحافظات كانت لا تقل عن عشرين مليونًا (بنفس الحماس المخلص الذى يصدّق فيه أن ٣٠ يونيو خمسئة ألف متظاهر!!) وأن الشعب خرج ضد الانقلاب وأن مصر تساند الإخوان وأن كل أطياف المجتمع معهم وأن العالم شهد قوة الإخوان على الحشد.
نعم، الإخوانى مريض.
هذه هى الحقيقة التى يهرب منها الجميع.
الفرد الإخوانى يعانى من مرض حاد ومستفحل، ورغم أن العلاج ممكن والدواء موجود، فإنه يُخيّل إلىَّ أنه لا علاج قريبا له.
الإخوانى متربِّى على المرض.
نما معه وانتشر فى كل خلاياه.
لم يعد مواطنًا، بل صار إخوانيًّا.
يرى ما تراه الجماعة، ويقول ما تقوله الجماعة، ويصدق ما تريد الجماعة أن يصدّقه. ينكر الواقع وينفى الحقيقة لسبب بسيط جدًّا أنه لا يرى الواقع أصلًا ولا يعرف معنى الحقيقة أساسًا.
هو متربِّى على كده.
أن يكون مغسول المخ ممسوح العقل، وجدانه ومشاعره وروحه كلها متسلّمة للجماعة، هو إنسان آلى يتحرّك بالريموت.
لهذا لن يستوعب الإخوان حقيقة ما جرى فى الجمعة الحاسمة من انكشاف يصل إلى درجة فضيحة الإخوان، لكن ليس مهمًّا ما جرى المهم ما يؤمن الإخوانى أنه جرى.
الكارثة أن الإخوان المرضى «وهم إخوتنا وأهالينا وزملاؤنا وجيراننا» يتحوّلون إلى العدوانية ضد المجتمع.
المريض «وهذا ليس انتقاصًا، بل تشخيص» الذى يؤمن بأن مرضه إيمان وعقيدة وجهاد يتحوّل إلى خطر على المجتمع، ولن يسلم أىٌّ منا من هذا الخطر.
للأسف الموجع الجماعة تتحوّل إلى عنبر الخَطِرين.