أحيانا أسأل: هل الناقد يملك «ترمومترا» يستطيع من خلاله قياس الإبداع ويحدد درجته ومدى قدرته على الانتشار، أم أن هناك شيئا آخر لا نستطيع أن نمسك به ونحدده على وجه الدقة؟ حيث إن مزاج الناس بطبعه متغير وتوحدهم على فنان أو رفضهم له تتداخل فيه عوامل عديدة اجتماعية ونفسية وليست فقط الموهبة.. الجمهور فى نهاية الأمر هو صاحب العصمة.
للكاتب الساخر الكبير محمود السعدنى كتاب اسمه «المضحكون» أصدره قبل نحو 50 عاما مع بدايات انطلاق نجوم الكوميديا فى الستينيات، تنبأ فيه بزعامة عادل إمام إلا أنه وصف سمير غانم بـ«كداب الزفة» وتوقع سقوطا مدويا ومبكرا له، ورغم ذلك احتفل سمير قبل أيام باليوبيل الذهبى، 50 عاما، على استمراره فى دنيا الكوميديا.
منذ بدايات سامح حسين فى المسلسل التليفزيونى «راجل وست ستات» مع أشرف عبد الباقى قبل 8 سنوات وأنا أرى فى ما يقدمه قدرا من الخشونة لا تتقبلها الكاميرا، تليفزيونية كانت أم سينمائية، ولم أتوقع أن يتجاوز دور البطل المساعد إلا أنه فعليا أصبح نجما. فى كل رمضان له مسلسل وفى كل عام فيلم ويحتل مساحة على الخريطة الكوميدية لا يمكن أن نغفلها، لم يتحقق سامح كنجم سوبر مثل هؤلاء الذين انطلقوا محققين أرقاما مدوية فى شباك التذاكر حتى لو تدهور حال بعضهم بعد ذلك مثل هنيدى وسعد وحلمى ومكى، سامح يقف على أطراف تلك الدائرة نجم على «الحركروك»، إيرادات أفلامه تشير إلى ذلك، لكنه لا يزال صامدا، صحيح هو جاء تاليا فى أفلام العيد لمحمد رمضان وفيلمه «قلب الأسد» ولكن الفارق شاسع جدا بين الأول والثانى، وتفوق سامح مثلا على نجم مخضرم مثل هانى رمزى يعود أساسا إلى حالة الهزال التى ظهر بها هانى فى «توم وجيمى» ولكنها لا تعنى فى الحقيقة زيادة فى منسوب شعبية سامح.
وضع السبكى منتج الفيلم الطبخة هو يعلم أنه بحاجة إلى زقة من المطربين الشعبيين أوكا وأورتيجا ومحمود الليثى مع الطفلتين جانا وليلى زاهر ولا بأس من إضافة تحابيش مثل أحمد زاهر ومى كساب ورجاء الجداوى وليتم «تسبيك» الطبخة كوميديا أضاف سليمان عيد وبدرية طلبة وحسن عبد الفتاح.
أتصور أن مشكلة البحث عن اسم جذاب كان هو أول مأزق واجهه فريق العمل فقرروا تقديم تنويعة ساخرة على الفيلم الأشهر «قلبى دليلى» ليصبح «كلبى دليلى»، المخرج إسماعيل فاروق لعله وضع هذا الخيط كلب تبحث عنه الطفلة، الضابط الذى يؤدى سامح دوره ينجح فى الوصول إليه ليصبح عنوانا لافتا «كلبى دليلى»، وبعد العثور على «الزرار» لن تجد صعوبة فى تفصيل «الجاكتة».
لماذا تستمر هذه الأفلام ويواصل هؤلاء النجوم الذين يقفون على الحافة الوجود؟ الأمر خاضع وبنسبة كبيرة لمعادلات فى السوق تحدد تلك القواعد وبصرامة، وأولها التكلفة وما يحققه للمنتج من مكسب.
سامح يدرك ذلك وهو لهذا سيرضى بقليله ولن يفاصل فى الأجر، كما أنه مطيع وبدرجة كبيرة للمنتج، ليست لديه طلبات ولا يحدد فى العادة اسم المخرج أو من يشارك فى البطولة، بينما كبار نجوم الشباك يفرضون إرادتهم فى كل التفاصيل على شركة الإنتاج.
عانى الفيلم من فرض قانون حظر التجوال، الكل ينتظر تخفيفه لتعود الأفلام مجددا إلى دار العرض، جاء الحظر لتجد هذه الأفلام متنفسا تدارى به إخفاقها الجماهيرى، صحيح أن «كلبى دليلى» لم يكن هو الأسوأ رقميا ولكن بعد فك الحظر سيذهب الجمهور فقط إلى محمد رمضان و«قلب الأسد» ولن يحن أحد إلى «كلبى دليلى».
سامح حسين يذكرنى فى علاقته بالكاميرا بنجم من جيل سابق وهو أحمد آدم ولو حللت الجينات الفنية ستجد أن خشونة الأداء تجمعهما، كما أنهما يقفان أيضا فى نهاية طابور نجوم الكوميديا، كل فى جيله، آدم أيضا استطاع فى ظل ظروف إنتاجية متشابهة، أن يقدم عددا لا بأس به من الأفلام، ثم أصبح الآن خارج نطاق الخدمة.
سامح لم ولن يحقق رقما استثنائيا فى الشباك وإلا كان قد فعلها فى أفلامه السابقة إلا أنه سيظل يقاوم عدة سنوات، وتجد له مسلسلا رمضانيا وفيلما فى العيد، ثم وعلى طريقة آدم يتبدد وينتقل من درجة نجم على «الحركرك» إلى نجم متقاعد!