تفسيران يتم تداولهما هذه الأيام لظاهرة «الندالة التاريخية» التى يبديها حاليًا عدد لا بأس به من أشاوس قيادات جماعة الشر السرية العميلة الذين لطالما رأيناهم بأم عيوننا وتلوّثت مسامعنا بأصواتهم القبيحة عندما كانوا يستأسدون ويصولون ويجولون ويتفتفون فى الميكرفونات من على منصّتى بؤرتى العفن والإجرام فى «رابعة» و«النهضة» أو أمام عدسات «فضائحية الجزيرة مباشر» من الموساد، ويبثّون فى كل الحالات آيات مقرفات جدًّا من التحريض وتهديد شعب مصر وجيشه بالويل والثبور وعظائم الأمور، فضلًا عن الغرف من معين لا ينضب من السفالة والبذاءة وقلة الأدب.. لكنهم لما وقعوا فى شر أعمالهم وجرجروا من أقفيتهم إلى النيابات وساحات العدالة خلعوا فجأة وبغير احتشام أردية الأسود ولبسوا فورًا صورة الخرفان الوادعة، وراح الواحد منهم يهتف بذلة ومسكنة: «أنا برىء يا بيه.. أنا مظلوم يا باشا.. وعهد الله أنا عيل وماكانش قصدى.. ولو سيادتك تأمر ح أديلك على المجرم الحقيقى وأقول لسيادتك ساكن فين»!!
و.. أعود للتفسيرين اللذين شاعا وانتشرا فى سوق التحليل السياسى لظاهرة الندالة المعجونة بالمعيلة، التفسير الأول يعتمد أصحابه نظرية عمّنا أبى الطيب المتنبى القائلة: «إذا أنت أكرمت الكريم ملكته، وإن أنت أكرمت اللئيم تمرّدا»، وخلاصة هذه النظرية باختصار، أن الأخ الأشوس الذى كان حتى الأمس القريب «غدنفرًا» منتفخًا بالإجرام وأضحى خروفًا من النوع «الندل» لما اتقفش من قفاه، إنما هو من جنس «نمرود» لا عهد له ولا ملة ولا دين ولا أخلاق أبدًا خالص البتة، ومن ثَم فلا شىء ىدعو للدهشة فى سلوكه المتقلّب والمتحول من النقيض للنقيض!!
أما التفسير الثانى فهو لايبدو مختلفًا كثيرًا عن الأول، لكنه يركز على عامل التربية أو التشويه العقلى والروحى والنفسى الذى يتعرّض له عضو جماعة الشر منذ اصطياده وهو لا يزال غضًّا طريًّا حتى يشب ويشيب على عقيدة سلوكية تكاد تكون ديانة شاذة وعجيبة، إذ ترخّص لصاحبها الكذب والمخاتلة وتحل له النفاق والندالة والنصب على خلق الله، لكى يفوز بأى غنيمة مشروعة أو غير مشروعة!!
وطبقًا لهذا التفسير فإن سبيكة «المعيلة والندالة» هى العمود الفقرى للأيديولوجيا السياسية المتفرعة عن العقيدة سالفة الذكر.. وهى أيديولوجيا فريدة ونادرة فى نوعها، وليس من السهل أن تجد فى قاموس اللغة مفردات وألفاظًا تصلح لصنع وصياغة تعريف يحيط بكل سماتها العجيبة وأهدافها المنحرفة والخبيثة.. غير أن بعض الباحثين فى علم النفس السلوكى والاجتماعى الذين أعرفهم ألهمتهم أخبار ندالة قادة جماعة الشر الأخيرة (الندالة وليس الشر) بمسمى يقدّم تعريفًا لهذه الأيديولوجيا بأنها «عقيدة خلط الهبل بالشيطنة»!!