شاهدت هذا الفيلم فى بداية العيد، مر أكثر من أسبوعين وحاولت أن أتذكر بعض التفاصيل، واكتشفت أن ما تبقى هو الإحساس بأنى أضعت قرابة ساعتين فى محاولة لأن أعثر حتى ولو على ضحكة شاردة فلم أجدها.
الفيلم يشارك فى بطولته هانى رمزى والطفلة جانا واللبنانية تتيانا، ولنفس المخرج أكرم فريد بعد اشتراكهم معا فى «سامى أكسيد الكربون»، لم يستطع الفيلم أن يصمد فى الذاكرة، حيث إن المخرج كان يسعى لاهثا من أجل أن يلتقط أى موقف من بقايا الكوميديا ملقى على الرصيف، إلا أن المحاولات كلها باءت بالفشل، كنت أتصور أن هانى بخبرته سوف يفكر ألف مرة قبل أن يجسد تلك الشخصية التى تتناول الرجل المعاق ذهنيا، بعد أن لعب دورا شبيها قبل نحو خمس سنوات للمخرج رامى إمام وهو «غبى منه فيه»، الفيلم حقق وقتها قدرا من النجاح الجماهيرى، ربما هذا ما دفع هانى وهو يبحث عن مشروع سينمائى أن يقبل أداء الشخصية مجددا فى وقت شحّت فيه كل سبل العثور على مساحة فى الخريطة السينمائية.
أتصور أن هانى أخطأ مرتين، فهو اختار أولا الاشتراك فى فيلم متواضع على مستوى الفكرة والبناء الفنى، ومع مخرج تشى كل تجاربه السابقة أنه لا يملك وجهة نظر فخسر ضربة البداية، ثم إنه ثانيا صار متوفرا وبكثرة فى الفضائيات وكان يقدم برنامجا أسبوعيا عبر شاشة «إم بى سى مصرية» أقرب إلى «إستاند أب» كوميدى، الجرعة كانت مشبعة جدا، وأتصورها لعبت دورا لأن يشعر المتفرج بأنه يكتفى بهذا القدر من هانى.
المحطة الفضائية أوقفت البرنامج عندما استشعرت أنه لم يعد هناك رغبة لدى الجمهور فى المزيد، يقولون إن المعزول كان غاضبا، ولهذا تم إيقافه فى صفقة سرية مع القناة، ولا أعتقد أن هذا صحيحا وإلا فلماذا لا يعود البرنامج الآن فى زمن الرئيس المؤقت، والحقيقة أن الدخول لمنطقة تقديم البرامج للنجم بقدر ما تشعله جماهيريا فإنها فى نفس اللحظة تحرقه كلما طرحته وبالمجان فى كل وقت.
كتاب السيناريو الثلاثة محمد النبوى وسامح سر الختم ومحمد علاء لم يفعلوا أكثر من توزيع عدد من الإفيهات المرتبطة بمحمد مرسى على حسن حسنى، الذى يؤدى دور مرشح للرئاسة، كما أن ما تبقى من إفيهات يردده هانى، الرهان الحقيقى كان على الطفلة جنا من أجل حث الأطفال على قطع التذكرة فى العيد، والمفاجأة التى لم تكن فى الحسبان هى أن الأطفال لم يشعروا أنه فيلمهم ولا الكبار وجدوه فيلمهم.
أتصور أن هانى رمزى بات يستسهل فى تأدية أدواره ويعتمد على الملامح الخارجية فى التقمص، ولهذا يلجأ إلى مثل هذه الأدوار التى تتوجه فيها طاقة الممثل إلى المبالغة الحركية واللفظية. إنها بالطبع أفلام صُنعت ومرسى فى الحكم، وكانت تسخر من رئيس جمهورية وهو على قمة الكرسى، ولكن بعد عزله فقدت مشروعيتها فى الإضحاك بعد أن تم نزع فتيل الاشتعال.
مثل هذه الأفلام وأيضا المسلسلات والبرامج التى شاهدناها فى زمن مرسى، والتى سمحت بكل هذه المساحة من الانتقاد الذى يطول رئيس الجمهورية أسقطت القدسية عن الرئيس، ولكن يبقى أنه من الناحية السيكولوجية لم تعد الإفيهات التى تتردد على مرسى تحقق الهدف منها، والفيلم كان حريصا على أن يقدم لمحات من مرسى، وأيضا لمحات من توفيق عكاشة التى بدأت شخصيته بسبب تأثيرها فى الشارع تتحول إلى «راكور» ثابت فى السينما، عدد كبير من الأفلام يحاول بين الحين والآخر تقديم تنويعات عليها، وهكذا نجح عكاشة فى تصدير هذه الشخصية لجمهور الشاشة الصغيرة فانتقلت للكبيرة. الموقف المتجمد الذى يكرره السيناريو هو أن حسن حسنى باعتباره مرشحا للرئاسة دائما فى مؤتمر صحفى، وهانى رمزى يفسد عليه الاجتماع، لم يستطع كتاب السيناريو الثلاثة أن يكسروا تلك الحالة الصارمة.. تعويذة الطفل القادر على الجذب الجماهيرى التى تذكرنا بأنور وجدى وفيروز لا يمكن تكرارها، فلا هانى أنور وجدى، ولا جنا فيروز، وإفيهات مرسى والأصابع والقرد والقرداتى والحارة المزنوقة انتهت فترة صلاحيتها. هانى رمزى لقى هزيمة رقمية نكراء، عندما تفوق عليه فى شباك التذاكر حتى سامح حسين بفيلمه الردىء «كلبى دليلى»، وعليه أن يدرك أن هناك من يدفعه للانزلاق إلى سكة اللى يروح ما يرجعش، ومع الأسف أراه أشد حرصا على المضى قُدما وهو معصوب العينين فى طريق «الباى باى»!!