ايجى ميديا

الأربعاء , 25 ديسمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

الآن فقط.. خرجنا من العصور الوسطى!

-  

الجديد فى صراعنا الراهن مع جماعة الإخوان المسلمين أننا نواجهها اليوم بوعى كامل. فهى كما أثبتت لنا الأيام والتجارب جماعة فاشية إرهابية، أى عصابة متطرفة تخلط السياسة بالدين، وتريد أن تعود بنا للعصور الوسطى، وثقافتها المتخلفة ونظمها المستبدة، وتلجأ فى ذلك إلى العنف والإرهاب، ونحن إضافة إلى هذا الوعى نواجه هذه الجماعة بأنفسنا، وليس فقط بأجهزة الأمن كما كان يحدث من قبل.

والواقع أن ما عرفناه عن الإخوان مرتبط بالتجارب التى واجهناهم فيها بأنفسنا. فى الماضى كنا نواجه هذه الجماعة بمؤسسات الدولة، خاصة بأجهزة الأمن. ولهذا كان الصراع بيننا وبينها مبهماً مسكوتاً عنه. إذ كانت هذه الجماعة تبدو لنا وكأنها طرف بعيد، كما كانت أجهزة الأمن تبدو وكأنها هى الأخرى طرف آخر بعيد. ونحن طرف ثالث يراقب ما يحدث ويتنصل منه، ويعجز بالتالى عن فهمه، واتخاذ موقف واضح إزاءه. وربما اختلط الأمر علينا لأن الإخوان الذين يغتالون خصومهم، ويشعلون الحرائق فى الفنادق والمطاعم يتطوعون للقتال فى فلسطين، ولأن أجهزة الأمن التى تطارد الإخوان تطارد غيرهم من الجماعات الاشتراكية والأحزاب المدنية، ولأن الإخوان يغيرون وجوههم ويبدلون مواقفهم. اليوم هنا، وغداً هناك. يسمون الأشياء بغير أسمائها ليخفوا حقيقتها ويربكونا، ويفعلوا الشىء ونقيضه.

كيف نحكم على هذه الجماعة إذن؟ وبأى وجه من وجوهها نراها ونتعامل معها؟ الوجه الذى اغتالت به أحمد ماهر، والخازندار، والنقراشى؟ أم الوجه الذى عُلق به سيد قطب على المشنقة؟ الوجه الذى تعارض به الطغيان المدنى؟ أم الوجه الذى تسعى به لتحويل الطغيان المدنى إلى طغيان دينى؟

هكذا اختلط علينا أمر هذه الجماعة فى الماضى، فلم نقف طويلاً أمام وجهها الفاشى الإرهابى. وربما وقفنا، أو الكثيرون منا، أمام عنف الدولة فى مواجهتها لعنف الإخوان، وربما تعاطف الكثيرون مع هؤلاء وخدعوا بأقوالهم وأفعالهم، وساعدوهم فى سرقة ثورة يناير، وصوتوا لهم فى الانتخابات حتى وصلوا إلى السلطة وانفردوا بها، وكشفوا عن وجههم الحقيقى، الذى واجهناه بأنفسنا هذه المرة فى ثورة الثلاثين من يونيو، التى لم نتخلص بها من حكم الإخوان فحسب، بل خرجنا بها من حكم الإخوان، ومن فكر الإخوان، ومن زمن الإخوان وعصورهم المظلمة، ومن النظم المستبدة، التى يريدون فرضها علينا، وهذه هى القضية الحقيقية، وهذا هو التحدى الذى نواجهه فى هذا العصر.

صراعنا مع الإخوان ليس صراعاً مع جماعة متطرفة دينية أو سياسية فحسب، ولكنه الصراع الذى بدأناه منذ قرنين، ولم نضع نهايته إلا فى ثورة الثلاثين من يونيو، التى كانت هى معركتنا الفاصلة مع عصور الظلام وانتصارنا النهائى عليها.

لقد كنا طوال القرنين الماضيين نسعى للخروج من هذه العصور، والانخراط فى العصور الحديثة، والانتفاع بما وصلت إليه والمشاركة فيه، ولاشك أننا سرنا فى هذا المسعى خطوات واسعة، لكنها كانت خطوات جانبية أو موضعية، لم نواصلها إلى النهاية، ولم نحقق انتصارنا الأخير.

نحن لم نُعلن الحرب على العصور الوسطى، ولم نشهر أسلحتنا فى وجهها. لم نراجع تاريخنا فيها، ولم نميز بين حقائقها الثابتة وأوهامنا الشائعة عنها. لم نحارب الخرافة والتطرف، ولم نكف عن الخلط بين السياسة والدين، وإنما حاربنا هذه العصور المظلمة، ونحن ندافع عنها، وتلك هى المفارقة.

لقد خرجنا لنقاوم الفرنسيين، الذين هاجمونا فى عقر دارنا، ولندافع عن العصور الوسطى، التى كنا لانزال قابعين فى ظلماتها، فإذا بنا نجد أنفسنا مضطرين كى نكسب هذه الحرب للاقتراب من العصور الحديثة، التى خرجنا لنحاربها والابتعاد عن العصور، التى كنا ندافع عنها، وقد نجحنا فى طرد الفرنسيين، لكن النتائج التى أسفرت عنها حربنا معهم شدتنا إلى العصور، التى ينتمون لها حتى كدنا ندخلها، ونقطع ما بيننا وبين عصور الظلام التى كنا لانزال نعيش فيها، وذلك حين تمكن محمد على من الاستيلاء على السلطة، وبناء الدولة المصرية الحديثة، التى انفصلنا بها عن تركيا، وحملنا السلاح فى وجه السلطان وجيوشه، وانتصرنا عليه، وتوغلنا فى بلاده، وأصبحنا قادرين على دخول عاصمته إسطنبول.

لو كان هذا قد حدث كنا خضنا معركتنا الفاصلة مع العصور الوسطى، وحققنا انتصارنا النهائى عليها، ودخلنا العصور الحديثة من أوسع أبوابها. لكنه لم يحدث ولم يتم، لأن الغرب الاستعمارى وقف لنا بالمرصاد وأجبر حاكم مصر على الانسحاب من تركيا وسوريا، والاكتفاء بمصر التى اعترف السلطان التركى باستقلالها الذاتى مقابل بقائها تحت السيادة العثمانية.

هكذا عدنا بظهورنا إلى العصور الوسطى بعد الخطوات الواسعة، التى خطوناها فى الطريق إلى العصور الحديثة، ثم وجدنا أنفسنا نكرر ما حدث لنا مع الفرنسيين. فقد استغل المستعمرون الإنجليز ثورتنا الأولى فى طلب الدستور والديمقراطية، وانحازوا للطاغية الخائن توفيق، واحتلوا مصر لنخوض معهم حرباً طويلة اختلط فيها الأمر على الكثيرين، الذين ظنوا أننا سننجح فى طرد الإنجليز إذا تمسكنا بتبعيتنا للأتراك. غير أن صراعنا مع الإنجليز قادنا لما قادنا إليه صراعنا مع الفرنسيين. فقد اقتربنا أكثر من حضارة العصر، واقتبسنا من علومه وفنونه ونظمه السياسية، وحصلنا على اعتراف الإنجليز باستقلالنا بعد أن خلعنا عنا تبعيتنا للأتراك. لكننا لم نتخلص نهائياً من ثقافة العصور الوسطى، والدليل على هذا ظهور جماعة الإخوان المسلمين فى العشرينيات الأخيرة من القرن الماضى.

فى تلك المرحلة كان الإمام محمد عبده، وأستاذ الجيل أحمد لطفى السيد، وعميد الأدب العربى طه حسين وعباس محمود العقاد، ومحمد حسين هيكل، وسلامة موسى، وإسماعيل مظهر، وعلى عبدالرازق، ومصطفى عبدالرازق، والمراغى يقودون الحركة الثقافية المصرية، ويدافعون عن العقل، ويحاربون الخرافة، ويقفون إلى جانب الدستور والديمقراطية، لكنهم كانوا نخبة قادرة على التأثير ضمن دائرة محدودة. أما عامة المصريين فلم تكن لهم ثقافة إلا ما ورثوه عن آبائهم، وما يتلقونه فى دور العبادة، وهى ثقافة استغلها الإخوان فى الحرب، التى شنوها على العصر وثقافته وقيمه ونظمه، خاصة وقد وجدوا العون من السلطات المستبدة، والأحزاب المحافظة، فضلاً عما كان يثيره الاحتلال البريطانى والمشروع الصهيونى فى نفوس المصريين من كراهية للغرب، ورفض لما يصدر عنه. ثم توالت الأحداث التى مكنت الإخوان من دخول الساحة السياسية ابتداءً من يوليو 1952 وما تلاه من تطورات وتقلبات انتهت بهم للتحالف مع السلطة فى سبعينيات القرن الماضى، واختراق مؤسسات الدولة، والترويج لما يسمونه المشروع الإسلامى، وتحويل شعاراته إلى ثقافة شائعة استطاعوا بها وبغيرها أن يسطوا على ثورة يناير، ويستولوا على السلطة، وينفردوا بها حتى انفجرت ثورة يونيو التى حاربنا فيها الإخوان بأنفسنا، وبوجوهنا الصريحة وأسقطنا دولتهم الدينية الطائفية، وحاصرنا جماعتهم الفاشية الإرهابية.

هل انتهت معركتنا مع الإخوان؟

ليس بعد. فالإخوان كما قلت فى الأسبوع الماضى ليسوا مجرد عصابات مسلحة نتصدى لها بأجهزة الأمن، ولكنهم فوق ذلك ثقافة مضللة، وشعارات خبيثة لاتزال قادرة على التأثير فى غياب الثقافة المصرية الحديثة، التى لا نستطيع دونها أن نتخلص من خطر الإخوان، ومن زمنهم، وأن نحتل مكاننا الذى ينتظرنا فى العصور الحديثة.

التعليقات