ما يجرى فى سوريا الشقيقة ليس بعيدًا عن مصر، التاريخ يقول إن الأمن القومى لا ينفصل بين البلدين، والواقع يقول إن النيران التى تشتعل فى دمشق سوف تمتد إلى المنطقة كلها، والتجربة القريبة تكشف أن «الإخوان» الذين سرقوا ثورة يناير فى مصر وأقاموا حكمهم الفاشى وتآمروا لبيع الوطن حتى أسقطهم الشعب فى 30 يونيو.. قاموا بما هو أسوأ فى سوريا حين حولوا الثورة السلمية إلى طريق السلاح، وفتحوا الأبواب أمام حلفائهم من «القاعدة» والتنظيمات الإرهابية ليضعوا الشعب السورى ضحية لصراع نظام بشار مع هذه التنظيمات، ولتبقى القوى الوطنية وحدها تبحث عن الحل الذى يحفظ دماء الضحايا ويمنع تدمير سوريا ويقيم الحكم الديمقراطى بعيدًا عن استبداد السلطة وإرهاب «القاعدة» وتنظيم «النصرة» وغيرها من التنظيمات الإرهابية.
الآن.. تستعد أمريكا للتدخل العسكرى فى سوريا بحجة استخدام الغازات السامة التى ما زالت الأمم المتحدة تحقق فيها. أغلب الظن أنها تريد قصف بعض المواقع العسكرية بصواريخ «كروز» دون التورط فى حروب برية جربتها قبل ذلك فى العراق وأفغانستان ودفعت الثمن.
الغريب فى الأمر أن واشنطن تعلن أنها لا تريد إسقاط نظام بشار الأسد، ولكنها تريد فقط أن «تعاقبه» على استخدام الغازات السامة!! إذا صح ذلك فإنه يعنى أن المطلوب إضعاف النظام تمهيدًا لفرض الحل المطلوب، أو انتظارا لصنع البديل وهو أمر صعب فى ظل وجود الإخوان والجماعات الإرهابية، وفى ظل تحول سوريا إلى ساحة للصراع بين قوى دولية وإقليمية عديدة.
قد يكون هذا هو الهدف، وقد تكون هناك سيناريوهات أسوأ ما دامت واشنطن تتهرب من العمل داخل مجلس الأمن، وهو ما يمكن أن يقود المنطقة كلها إلى تداعيات خطيرة، وفى كل الأحوال فقد دخل الوضع فى سوريا إلى أقصى درجات الخطر، لأن الحقيقة المؤكدة أن الحل العسكرى أيًّا كان سيكون كارثة، وأن الحل السياسى -مهما كانت العقبات أمامه- هو وحده الذى ينقذ الموقف، ويمنع تدمير ما تبقى من سوريا، وينقذ شعبها من المأساة التى يعيشها.
رغم الظروف التى نمر بها فى مصر، فلا ينبغى أن نغمض عيوننا عما يجرى فى سوريا، جهدنا ينبغى أن يتواصل من أجل الحل السياسى الذى تستطيع مصر بعد 30 يونيو أن تلعب دورًا أساسيًّا فيه.
فى نفس الوقت علينا أن نستعد لكل الاحتمالات، وأن ندرك حجم الخطر فى المنطقة كلها إذا حدث التحرك العسكرى الأمريكى فى سوريا بكل تداعياته، إن حسم الأوضاع فى الداخل لم يعد يقبل التأجيل، واستئصال الإرهاب من جذوره يزداد أهمية فى هذه الظروف، والإدراك بأن جيشنا مستهدف من قوى خائنة بالداخل وقوى متآمرة من الخارج يفرض علينا الالتفاف حول جيشنا الوطنى، الذى أصبح هو القوة العربية الوحيدة القادرة على ردع الأعداء، بعدما حدث لباقى الجيوش العربية خصوصا فى العراق وسوريا.
ولنضع أمامنا ملاحظتين هامتين: الأولى هى لجوء «الإخوان» منذ ما قبل 30 يونيو إلى تهديدنا بمصير سوريا! وعملهم الدائب من أجل نشر العنف وتدعيم الإرهاب من ناحية، واستدعاء التدخل الأجنبى بأى وسيلة.. وهو الأمر الذى ما زالوا يفعلونه حتى الآن دون خجل من ضبطهم متلبسين بجريمة الخيانة الوطنية.
الملاحظة الثانية أن الرئىس الأمريكى أوباما فى حديثه الأخير الذى تناول فيه الوضع فى مصر، وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية تجرى مراجعة شاملة حول علاقات البلدين.. كان من الغريب أن يتحدث عن إجراءات حاسمة ضد مصر وسوريا!! جامعًا البلدين فى جملة واحدة لا أظن أنها جاءت عفوًا!! هل نضيف إلى ذلك أن السفير المقترح لخلافة الحيزبون «آن باترسون» هو ممثل أمريكا السابق فى دمشق والخبير بالتآمر على العرب!
مصر الموحدة مع جيشها الوطنى قادرة على مواجهة تحديات الموقف، لكننا نحتاج إلى الحسم السريع، وإلى كثير من الانتباه لما يدور حولنا.