ليس غريبًا أن يفقد رئيس الوزراء التركى «أردوجان» صوابه بعد سقوط حكم الإخوان فى مصر، وأن يتجاوز كل الأعراف الدبلوماسية فى الحديث عن ثورة الشعب المصرى التى أطاحت بالنظام الفاشى فى 30 يونيو، وأن يجعل من بلاده مقرًّا للتآمر ضدنا، وأن يصل به التطاول إلى مقام الأزهر الشريف وإمامه الأكبر الدكتور الطيب الذى يقف بشجاعة ضد الإساءة إلى الإسلام من إرهاب يتستّر بالدين ويتآمر مع أمثال أردوجان فى محاولة فاشلة لإحراق الوطن.
ليس غريبًا أن يفقد أردوجان صوابه بعد سقوط حكم الإخوان فى مصر.. فالرجل يعرف أن آثار الزلزال الذى وقع بمصر فى 30 يونيو سوف تجتاح المنطقة بأسرها، وسوف تنهى نفوز الإخوان فى دول عديدة، وسوف تصل حتمًا إلى «إسطنبول» نفسها، حيث يواجه أردوجان أزمته الكبرى أمام شعب تركيا ويخشى من حساب لن يفلت منه.
منذ البداية، كان أردوجان جزءًا من المشروع الأمريكى للمنطقة، وكان الدعم الهائل الذى تلقاه من أمركيا وحلفائها هو الأساس لبناء نموذج تركى يمهّد الطريق لتسليم الدول العربية (وفى مقدمتها مصر) لحكم الإخوان.
وفى وقت من الأوقات بدا أن كل شىء يسير على ما يرام، وأن المخطط الأمريكى يجد طريقه بسهولة للتنفيذ، وأن دول الربيع العربى تقع واحدة بعد أخرى فى قبضة الإخوان وحلفائهم، وأن الخريطة الجديدة للمنطقة تتشكّل كما تريد واشنطن، وعلى حساب مصر والعرب.
ومع نجاح المخطط الأمريكى، كان الدور التركى يتزايد، وكانت أحلام السمسار أردوجان تتضخم، وكان الحديث عن «عثمانية جديدة» تحيى أيام الاحتلال التركى الذى نشر التخلف وأقام أحط أنواع الاستبداد فى العالم العربى.
وفى هذه اللحظات يجىء الزلزال من مصر. يثور الشعب فى 30 يونيو ويسقط حكم «الإخوان» الفاشى، ويسقط معها المخطط الأمريكى لإعادة تقسيم المنطقة، وتسقط أيضًا أحلام السماسرة الصغار، مثل أردوجان الذى فقد صوابه وهو يدرك أن آثار الزلزال ستصل إليه حتمًا، وأنه سيدفع الثمن ويتعرّض للحساب.
يعرف أردوجان جيدًا أن سقوط المخطط الأمريكى للمنطقة يعنى سقوطه هو أيضًا، ويعنى نهاية الرهان على أحزاب تتاجر بالدين، وتدّعى الاعتداد وهى تقف فى صف واحد مع عصابات الإرهاب، وتريد نفس الهدف وإن تعدّدت الطرق واختلفت الرايات!!
كان طبيعيًّا أن يفقد الرجل توازنه، وأن يتحوّل إلى معادٍ لشعب مصر وثورته، وأن يجعل من بلاده مقرًّا للتآمر على مصر، وأن يمارس هواياته فى الكذب والتضليل على شعبه وعلى العالم، وأن يصل تطاوله إلى مقام الأزهر الشريف وإمامه الأكبر، كما وصل من قبل إلى جيش مصر الوطنى، لأنه نفّذ إرادة الشعب بإسقاط فاشية الإخوان.
يعرف أردوجان أنه آخر مَن يتحدّث عن الديمقراطية، وسجونه تزدحم بالصحفيين وبلاده هى الأسوأ فى تقارير الحريات الصحفية، ومذابحه ضد مواطنيه الأكراد لم تتوقف، ومسؤوليته فى مأساة الشعب السورى لا تغتفر، أما تآمره ضد مصر فلن يمر أبدًا بغير حساب.
إن حملة مقاطعة المنتجات التركية لن تقتصر على مصر فقط، بل تمتد إلى عدد كبير من الدول العربية التى أوقف بعضها أيضًا مشروعاته الاستثمارية فى تريكا.
إن العلاقات السياسية الاقتصادية والثقافية هى ضحية لموقف أردوجان الذى فقد صوابه والذى يعرف أن طريق السقوط الذى بدأ بالإخوان سوف ينتهى حتمًا إليه.
عاد أردوجان إلى حجمه الطبيعى.. مجرد سمسار صغير فى مشروع أمريكى أسقطه شعب مصر. يبدو أن انتحار «الإخوان» لن يكون الانتحار الأخير فى المنطقة!!