كتبت فى هذا المكان، يوم 17 من هذا الشهر، أقول بأن على القطاع الخاص أن يسارع إلى مساعدة الدولة فى إصلاح ما تم تخريبه على أيدى الإخوان، وأن على المجتمع المدنى أن يسارع أيضاً فى الطريق ذاته، لأن عين الدولة بصيرة، ولكن يدها قصيرة، ولا يمكن أن تقوم هى ـ مثلاً ـ بإعادة ميدان رابعة إلى ما كان عليه، قبل تخريبه وتدمير أرصفته، بينما شركات مقاولات القطاع الخاص تتفرج.. هذا لا يجوز، ولا يليق، وأتصور الآن أن أصحاباً لشركات قطاع خاص قد هبوا لمد اليد إلى الدولة، ولو على سبيل رد جزء من فضل مصر على كل واحد فيهم.
وفى كل الأحوال، فإن ما أرجوه بصدق أن يكون الدكتور حسام بدراوى نموذجاً يجرى الاحتذاء به، وتقليده، ومنافسته فى هذا الاتجاه.. فالرجل أرسل لى يقول إنه يرأس جمعية «تكاتف» للعمل الأهلى غير الهادف للربح، وإن هذه الجمعية قررت أن تقوم وحدها بالتجهيز الكامل للمدرستين اللتين تم تدميرهما على أيدى أتباع جماعة الإخوان فى منطقة «رابعة»، وهما مدرسة عبدالعزيز جاويش، التى كان الإخوان قد حولوا فصول الدراسة فيها إلى زرائب لإيواء الحيوانات التى كان يجرى ذبحها لإطعام المعتصمين!!.. ومعها المدرسة الفندقية، فالمدرستان قد تكفلت بهما «تكاتف»، وقررت، بالتنسيق مع هيئة الأبنية التعليمية فرع القاهرة، أن تعيدهما إلى ما كانتا عليه، بل أفضل!
هذا بالضبط ما كنت أريده حين كتبت أحرض القادرين فى البلد وأصحاب الشركات على أن يكونوا عوناً للدولة فى هذه الظروف، لأن العبء عليها كبير للغاية، كما نرى.. ولنا أن نتصور لو أن كل ميدان، أو مدرسة، أو كنيسة أو أى مرفق تعرض لاعتداء قد تولاه صاحب شركة، وقرر أن يعيده إلى أصله على نفقته.. إنها دعوة إلى كل وطنى، يحب وطنه، ويدرك حقيقة قيمته فى مواجهة أفراد لايزالون يتعاملون مع بلدنا، وكأنه بالنسبة لهم بلد عدو!
بقى أن أقول إن جمعية «تكاتف» بدأت هذا الطريق المشرف، منذ العام الماضى، بل قبل العام الماضى، عندما أعادت تجهيز ثلاث مدارس تعليم أساسى فى الدرب الأحمر، تجهيزاً كاملاً، بما فى ذلك إعادة تدريب المدرسين، والكشف الطبى على التلاميذ، ثم تسليم المدارس الثلاث للمحافظة، أو الوزارة وكأنها مدارس قطاع خاص جرى الإنفاق عليها بسخاء!.. وهى، أقصد الجمعية، تعمل الآن فى المدرسة الرابعة، لتكون جاهزة تماماً مع بدء العام الدراسى المقبل، هذا العام.
الدكتور حسام بدراوى موجود، وجمعيته أيضاً موجودة، وتجربته كذلك موجودة، وأدعو كل قادر، وكل صاحب شركة، وكل رئيس جمعية من نوع «تكاتف» إلى أن يقتدى بها وبرئيسها، ويسابقه، ليسبقه، وسوف يكون «بدراوى» وقتها أسعد الناس.