رغم حبى الشديد للقارئ، الذى هو منبع قيمتى وسبب وجودى، إلا أننى لست مستعداً لأن أخسر نفسى لأرضيه بالباطل، فماذا ينفع الإنسان لو كسب العالم وخسر نفسه؟ اللهم اجعلنا من الرابحين.. والمنافق فى مصر كثافته قليلة، يطفو سريعاً على السطح، لكنه يُحمّل بأحجار النفاق طوال الوقت، فيغرق فجأة.. فدعونا نتبع الحق الذى هو أحق أن يُتبع.
قامت الثورة لأسباب كثيرة ليس من بينها «عقاب» حسنى مبارك، ومع الوقت أصبحت «محاكمته» مطلباً، ولكن لابد أن يتم ذلك وفقاً للقانون وليس على الكيف! والحكم هو عنوان الحقيقة، ورغم أن للحقيقة أكثر من وجه إلا أن القانون لا يعرف سوى وجه واحد وهو المرسوم على أوراق أى قضية.. و«الإفراج» كلمة سيئة السمعة تستخدم الآن لتضليل الناس؛ والبعض لا يعرف (كسالى فكرياً)، والبعض الآخر لا يريد أن يعرف (يفتون لتضليل الكسالى فكرياً!)، أن الحبس الاحتياطى هو إجراء احترازى ينظمه القانون، لكننا نتوسع فيه وكأنه هو الأصل بينما المفترض أن يتم تقييد استخدامه إلى أقل درجة.
مبارك خرج بقوة القانون التى ينبغى أن تكون أساس بناء دولتنا المصرية.. ولا أعرف لماذا يتكاسل الفاهم ولا يقوم بدوره ويترك مهمة التفهيم للمضللين!! من له أذنان للسمع فليسمع: لا يمكن فعلياً إدانة مبارك على جرائمه الحقيقية لأن ما فعله فينا طوال عقود لا يعتبره القانون الحالى تهمة! (تزوير الانتخابات، التعذيب فى الأقسام، الصفقات مع الإخوان، إهمال التعليم والصحة والتنمية والاستثمار، إهدار كرامة الوطن والمواطن داخلياً وخارجياً)! إذن المشكلة تكمن فى القانون نفسه! نريد أن نبنى دولتنا على سيادة القانون التى هى ثلاثة أمور ليس أكثر (نص محكم- تطبيق للنص- رقابة على التطبيق)، نحن نفتقر للنص الجيد الذى يُمكننا من أخذ حقوقنا، إذن فلنضعه الآن- وليس بعد قليل، هذا ما يضمن تحقيق العدل.. بالمناسبة- ولسد الباب على الكسالى والمضللين- حتى بعد سن القوانين فلا عقوبة بأثر رجعى، ولا يجب أن تتداخل الأمور لتصبح «كله عند المصريين صابون»، وإلا سنودع دقة القانون إلى رغاوى الكلام!
وفى حالة مبارك- الذى لم يعد هو الموضوع- رأت السلطة أن تضعه قيد الإقامة الجبرية بموجب قانون الطوارئ! ولكنها تناست أن الدولة التى ترتعش يدها وتخشى فى الحق والقانون لومة لائم لن تبنى مع شعبها جسور الثقة بل ستكتفى بكوبرى صغير يصل الجهل بالتعصب! قيّدوا الحبس الاحتياطى والغوا الطوارئ وفعّلوا القانون.. الدول المحترمة لا تُدار بمبدأ «الجمهور عاوز كده»!