سألتنى مقدمة أحد البرامج التليفزيونية عبر اتصال تليفونى على الهواء: ما نوعية الأسلحة التى تستوردها مصر من دول الاتحاد الأوروبى والتى أوقفت قرارات الاتحاد الأخيرة منح تراخيصها؟ قلت: مصر لا تستورد أى أسلحة من أوروبا، فرغم أن هذا القرار كان البند السلبى الوحيد فى البيان الذى أعلن بعد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى، إلا أنه لا قيمة له ولا يغير أى شىء على أرض الواقع، ومن ثم لن يكون له أى تأثير يذكر على العلاقات المصرية - الأوروبية.
لقد نص القرار على وقف منح تراخيص للمواد التى يمكن أن تستخدم فى عمليات القمع، وهذا تعريف مبهم لأنه لا يحدد هذه المواد أو حتى نماذج منها، ثم إنه ينص على أن لكل دولة حرية تطبيق القرار بالطريقة التى تراها، أى أن كل دولة من حقها أن تحدد بنفسها ما المواد التى ينطبق عليها القرار، ومن حقها أن تصدر لمصر ما تريده وفق تعريفها الخاص الذى يمكن أن يختلف عن تعريفات بقية زملائها داخل الاتحاد.
وبخلاف هذا القرار فإن بقية ما صدر عن اجتماع وزراء الخارجية كان يؤكد أهمية العلاقات مع مصر ودعم تطبيق خطوات «خارطة للطريق» تحقق الديمقراطية، دون النص على الخارطة التى أعلنتها القوى الوطنية بعد 30 يونيو الجارى تنفيذها الآن (!!) مع إدانة العملية الإرهابية الأخيرة فى سيناء وسقوط الضحايا المدنيين وحرق الكنائس ونهب المتاحف.
والحقيقة أنه قبيل هذا الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية الذى حضره 22 وزيراً و6 ممثلين للوزراء الذين لم يتمكنوا من الحضور، والذى قطع الاتحاد الأوروبى إجازته السنوية ليعقده، تعرض الاتحاد إلى ضغوط قوية أتصور أن بعضها آت عبر المحيط الأطلسى، لكن بعضها الآخر آت من بعض الدول الأعضاء أنفسها، ولقد كانت مواقف ألمانيا والسويد بشكل خاص متشددة خلال الاجتماع، كما وجدنا الدنمارك تتخذ قرارات مقاطعة ضد مصر قبل انعقاد الاجتماع، فى محاولة للتأثير على بقية الأعضاء فى هذا الاتجاه، لذلك كان على إدارة الاجتماع أن تراعى ذلك وهى تصدر قراراتها التى أتت إيجابية فى مجملها تجاه مصر.
وقد كان واضحاً أمام وفد الدبلوماسية الشعبية، الذى زار مقر الاتحاد ببروكسل واجتمع بقادته، أن الدبلوماسية المصرية قامت بجهد جبار غير معلن عنه مع كل وزير من الوزراء الأوروبيين بلا استثناء، كما أن الموقف العربى الداعم لمصر بقيادة المملكة العربية السعودية كان له تأثيره الواضح، ثم جاء الوفد الشعبى لينقل إلى الاتحاد حجم الغضب الذى يشعر به الشعب المصرى تجاه أوروبا، محذراً من استمرار هذا الغضب لسنوات مقبلة فيما لو لجأ الاجتماع إلى تبنى القرارات «العقابية» التى تقترحها بعض الدول على المستوى المالى والعسكرى والدبلوماسى.