لعله أشهر صحفى فى الصحافة الصفراء فى التاريخ العربى.. نُحبه ولم يشغلنا يوما نقدُه أو انتقادُه مع كل الهجمات ضد صحافة الإثارة التى يرتدى بعضها رداء الموضوعية، وبعضها الآخر ليس مشغولا بارتداء الموضوعية ولا غيرها، «المشى عاريا بلا رداء أهم ما نراه على الساحة الفكرية الآن.. ومتى صارت الصحافة حرة فهى بحاجة إلى آثار جانبية فعلا، لكن أسوأ ما فى صحافة الإثارة حين لا تعمل لحساب الإثارة، بل لحساب الحكومات أو الأجهزة وتصبح أداة فى يد طامع أو طائش.. ونحن نعلم أن السكين فى يد طفل خطر.. أما فى يد أمه فهو ضرورة كى نأكل على الغداء!».
الثابت أن صحافة الإثارة ذات تاريخ وحضور هائل فى الحياة المصرية، والدليل هو عبد الحليم حافظ أجمل صحفى إثارة فى التاريخ الصحفى، ألا نتذكر معًا فيلم «يوم من عمرى» الذى لعب فيه عبد الحليم حافظ دور الصحفى الذى يسعى إلى معرفة أسرار ابنة المليونير التى تعود إلى وطنها بعد أن أبعدتها زوجة والدها القاسية وتجبرها حين عودتها على الزواج من أخيها «ما دخل الصحافة إذن بمثل هذا الكلام الفارغ» بل المطلوب من الصحفى «حليم» أن يصف للقراء تفاصيل اللقاء وأحداث المواجهة العائلية. وتمر الأحداث لنكتشف أن هروب ابنة المليونير من المطار قضية بالغة الأهمية، والصحف تنشر التفاصيل وتتنافس فى ذلك السبق الصحفى وينفرد عبد الحليم بامتلاك أهم التطورات «منها صور ابنة المليونير فى قفص الفراخ» ويتعامل رئيس التحرير مع القصة بكونها حدثا صحفيا نادرا وتاريخيا. حتى عندما يتراجع «عبد الحليم» عن نشر الموضوع الصحفى، إنما يتراجع ليس لأن هذا مخالفة فاضحة لحق الخصوصية وحياة الناس الشخصية، ولكن لأنه يحب ابنة المليونير ويخشى أن تراه مستغلا أو انتهازيا، معنى ذلك أن عبد الحليم لولا الحب، وليس ميثاق الشرف الصحفى، لكان قد نشر الموضوع الأصفر والمثير.. حتى إن المليونير وعد ابنته بأن ينشى صحيفة خاصة لحبيبها الشهم.. كم مرة شاهدنا هذا الفيلم ولم ندرك أنه فيلم أصفر، رغم قلب عبد الحليم الأبيض؟!