اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.. لقد علَّمنا سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، أن نأخذ بالأسباب فى الظاهر والوقوف على باب الله فى الباطن.. لقد تعلمنا ألا نترك المشاكل تجتاح حياتنا، أى لا تسيطر على كل شىء فيها، وأن ننشغل بمساعدة الآخر إن استطعنا؛ فلقد جعلنا الله تعالى فى مصاف الأنبياء، وطلب منا التشبه بهم قال تعالى «وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات».. فلقد أوصانا الله تعالى بفعل الخير فى عز النكبات التى نمر بها، ونحاول أن نفعل أى خير؛ فلا نترك هذه النكبات تجتاح حياتنا..
إن عمل الخير لهو أكثر ثوابا من التشاحن والتعارض والصراع السياسى؛ فلقد آن الأوان لأن يتجه الجميع للبناء، وأن نعود إلى فكرة الوطن المستقر؛ فالوطن يعنى الأمان والاستقرار والراحة والطمأنينة، والبناء ليس كلاما نتشدق به أو نغنيه وإنما هو إرادة حقيقية للنمو والتقدم إلى الأمام، وليبدأ كل منا بنفسه؛ فما أعظم هذا الإنسان الذى يعطى دون أن يأخذ وما أتعس هذا الإنسان الذى يضن على نفسه بعمل الخيرات! فالرسول، صلى الله عليه وسلم، كان نموذجا للعطاء فى وقت المحن وسار على دربه من بعده الخلفاء والصحابة..
فما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط، فالمجتمع مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى؛ وهذا يدل على مدى التلاحم ووحدة المشاعر ووحدة الأهداف الكبرى وقاسم الإنسان المشترك وقاسم الرحمة المشترك الذى وضعه الله تعالى فى قلوب كل الناس.. فعندما تأتينا المصائب لابد أن نأخذ منها المكسب، أى الثواب اللاحق بها؛ فالصبر مُرّ على النفس الإنسانية لأنه ضد هوى النفس؛ فالإنسان بطبيعته ليس صبورا، فيريد ما يظنه خيرا له، قال تعالى «إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب» فهؤلاء هم أهل الصبر، هؤلاء هم الذين يصبرون على أذى الناس وظلمهم، قال على بن أبى طالب «سأصبر حتى يعجز الصبر عن صبرى سأصبر حتى ينظر الرحمن فى أمرى سأصبر حتى يعلم الصبر أنى صبرت على شىء أمرّ من الصبر».