صدق من قال عن بلادى إن مصر بلد العجائب! وآخر دليل على ذلك، تلك الجريمة البشعة التى وقعت فى حق كاتبنا الكبير الأستاذ هيكل، حيث قام الغوغاء والبلطجية باقتحام منزله الريفى فى برقاش ونهب محتوياته وإحراقه! وكان ذلك عقب فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، يعنى من أسبوع، وتوقعت أن تقوم الدنيا ولا تقعد فى مواجهة هذا الإجرام، لكن خاب ظنى! معظم الصحف وأجهزة الإعلام لم تهتم بإبراز هذا الخبر المؤسف، «المصرى اليوم» كانت استثناءً من ذلك، كنت أظن أن الصحفيين الناصريين بالذات سيعملون على إبراز ما جرى، لكن خاب ظنى! توقعت أن يقوم رئيس الجمهورية المؤقت بالاتصال بالأستاذ هيكل مواسياً، لكن الرئيس رفع شعار «طناش»! وماذا عن وزير الداخلية؟ كان من المفترض أن ينتقل إلى مكان الحادث بنفسه، ولأن حضرته مشغول قوى بقمع الاحتجاجات التى تجرى فإنه لم يفكر فى الذهاب إلى موقع الجريمة؟ طيب ولماذا لم يتصل بكاتبنا الكبير؟ وهل كلف كبار مساعديه بالبحث عن الجناة والقبض عليهم؟ ورغم مرور أسبوع على ما جرى فإنه لم يتم حتى الآن ضبط أحد من المجرمين، وبناء على كل ما قلته فإننى أقدم للأستاذ هيكل مليون اعتذار عن هذا الإهمال فى حقه من أجهزة الدولة المختلفة وأنصاره أيضاً!
وواضح مما يجرى حالياً أن منطق الكراهية هو السائد بينما الحب الذى يجمعنا تراجع إلى الخلف، والمجتمع يفقد تماسكه، وهل يمكن أن تنهض دولة وتتقدم إلى الأمام وهذا حالها؟
وإذا سألتنى حضرتك: لماذا أنت زعلان كده على ما جرى للأستاذ هيكل مع أنه لا يوجد شىء يجمعكما، وهو قد هاجم الإخوان وأداءهم مراراً وتكرراً. فإن إجابتى ستكون لا ياسيدى! هذا السؤال خاطئ من أساسه. وما يجمعنى بالكاتب الكبير الحب والمودة والاحترام رغم اختلاف الأفكار، ولأننى نشأت فى مدرسة الحب تجدنى أضع العلاقات الإنسانية دوماً فوق أى خلاف سياسى، كذلك تربيت على تقدير مكانة الناس واحترامهم حتى ولو اختلفت معهم مليون مرة! والأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل صاحب قلم بارز ومرموق شاهد على أحداث العصر على مدى أكثر من ستين عاماً، ولو اختلفت معه فلابد من تقديره مادام الحب هو الحاكم لسلوكى وتعاملاتى مع الناس من منطلق تعاليم إسلامنا الجميل.
وإذا جئنا إلى ما جرى له نجد أن احتراق منزله بواسطة الغوغاء كارثة بكل المقايس لأننى أعلم جيداً أن هذا البيت الريفى قد بناه «طوبة طوبة»، وفيه الكثير من الكتب والوثائق المهمة، وهناك كان يقضى أحلى أوقاته مع شريكة عمره وأولاده وأحفاده، فجاءت تلك الكارثة التى لم تخطر على بال أحد لتلتهم كل ذلك فى دقائق فى يوم أسود على مصر كلها! ومن جديد أقدم له مليون اعتذار نيابة عن كل المصريين، وأقول له إنك لا تعرف اليأس وستعيد من جديد بناء بيتك الريفى الجميل أفضل من الأول بإذن الله.