القبض على مرشد «الإخوان» محمد بديع ليس مجرد ضربة أمنية كبيرة، ولكنه أساسا رسالة للجميع (فى الداخل والخارج) بأن معركتنا ضد الإرهاب ماضية إلى نهايتها، وأن كل محاولات العنف الذى بلغ درجة غير مسبوقة فى الانحطاط لن تزيدنا إلا إصرارا على تنظيف الوطن من كل بؤر الإرهاب، وأن كل الضغوط الخارجية لن يكون لها أدنى تأثير فى قرار مصر النهائى بأنها لن تركع أمام الإرهاب، مهما كانت التضحيات.
فى كل الاتصالات التى أعقبت 30 يونيو، لم يكن المعزول مرسى يمثل قضية حقيقية لدى الإخوان ولا الداعمين لهم من القوى الخارجية، بل كان الهدف الأساسى هو الحفاظ على التنظيم والإبقاء على قياداته الحقيقية قادرة على التحرك الفعال.
كان هذا هو هدف التنظيم العالمى للإخوان الذى يعرف أن ضرب التنظيم فى مصر يعنى نهاية خارجها. وكان هذا هدف الإدارة الأمريكية وحلفائها الأوروبيين وأذنابها فى قطر وتركيا.. لأنهم -من ناحية- يريدون الحفاظ على هذه الورقة التى أصبحت جزءا أساسيا من المخطط الأمريكى للسيطرة على المنطقة وتقسيم دولها وتصفية القضية الفلسطينية على حساب مصر والعرب. ولأنهم -من ناحية ثانية- يخشون من عواقب افتضاح المؤامرة التى تحالفوا فيها مع الإرهاب وتوافقوا على إخضاع مصر (وبقية الدول العربية) للفاشية الدينية التى باعت لهم كل شىء فى مصر من أجل الحكم الذى تصورت أنها ستبقى فيه لخمسمئة سنة، فأسقطها شعب مصر العظيم بعد عام واحد، رغم كل ما فعلته أمريكا وحلفاؤها وأذنابها.. وما زالوا يفعلونه حتى الآن!!
فى 30 يونيو كان الأساس عند الملايين التى خرجت لميادين تحرير مصر هو إسقاط حكم المرشد.. ولم يكن عزل مرسى إلا مقدمة لإسقاط التنظيم الذى خان مصر وألحق أبلغ إساءة بالإسلام الحنيف.. ولو كان هناك يومها بقية عقل لراجعت الجماعة موقفها، وعزلت قيادتها، واعتذرت عما ارتكبته من جرائم فى حق الوطن، لكنها -بدلا من ذلك- سارت فى طريق «اللى يروح ما يرجعش».. عادت الشعب كله، وتحالفت مع عصابات الإرهاب، وتحولت من الزواج العرفى مع الخيانة قبل 30 يونيو، إلى الزواج الرسمى والإشهار العلنى لخيانة الوطن وطلب التدخل الأجنبى والتهديد بتحويل مصر إلى سوريا جديدة.
ومثل كل العملاء، ظنت قيادة «الإخوان» أن الإرهاب ومحاولة حرق مصر سوف يقهر إرادة الشعب والجيش، وتصورت هذه القيادة أن دعم أمريكا وحلفائها وأذنابها قادر على إعادة الزمن إلى الوراء.. لم تدرك هذه القيادة أنها بحماقتها تكتب لنفسها أسوأ نهاية كان يمكن تصورها.. لم تدرك أنه لا الإرهاب الذى تمارسه، ولا الاستقواء بالخارج ضد الوطن.. قادر على هزيمة شعب توحَّد ضد الجماعة التى تريد أن تحكم مصر بالقوة، أو تحرقها بنيران التطرف والإرهاب.
الآن يسقط المرشد محمد بديع، ومع ذلك فلا أظن أن أحدا من القيادة الحالية للجماعة سوف يفهم الرسالة، ويدرك أن مصر ماضية حتى النهاية فى حربها ضد الإرهاب، وضد محاولة التدخل الأجنبى والعدوان على استقلالها.. سوف تمضى بقايا هذه القيادة تسير فى طريق العنف واستجداء العون الأمريكى، لن تعود عن طريق الانتحار الذى اختارته، لأنها لا تملك شجاعة الاعتراف بالفشل، ولأنها تدرك فداحة ما ارتكبته من جرائم وما ينتظرها من عقاب.
يبقى السؤال لآلاف المخدوعين الذين أخذتهم هذه القيادة إلى الطريق الخطأ، والذين ما زالوا يملكون فرصة المراجعة قبل فوات الأوان.. هل يفعلون ذلك أم يظلون فى مواجهة خاسرة مع شعب بأكمله اتخذ قراره بأن لا يركع أمام الإرهاب، أو يتراجع أمام التدخل الأجنبى؟!
جزء كبير من معركتنا أن نساعد هؤلاء المخدوعين لكى يكتشفوا بأنفسهم الحقيقة، ويدركوا الجريمة التى ارتكبتها قيادتهم التى خانت الوطن، وأساءت إلى الدين، وكتبت أسوأ نهاية للجماعة التى قالت إنها تحمل الخير لمصر.. فإذا بها تحاول أن تحرقها!