سبحان الله، يرسل لنا الآيات والعلامات، ولكننا لا نعتبر، نهانا عن الاغترار بالكثرة، فقال فى كتابه الكريم «ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين» كانت هذه الآية توصيفا لفريق من عباد الله كان الحق معهم، وكانوا آنذاك يواجهون الكفار لا المسلمين، ولكن الله مع ذلك لم ينتصر لهم، لأنهم لم ينصروا الله فيهم، ولم يقيموا مفاهيم الإسلام فى أنفسهم بغرورهم بكثرتهم، والله هو القائل «إن تنصروا الله ينصركم» فإذا بهذه الكثرة لم تغن عنهم شيئا، وحوصروا فى قطعة صغيرة من الأرض فضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وكان عاقبة ذلك أن ولوا مدبرين، ودارت الأيام، وتوالت الأمم، وإذا بفريق من المسلمين يواجه أمته كلها بمسلميها ومسيحييها، وكان قبل مواجهته هذه يتباهى بكثرته، ويقول بلسان حاله ولسان قادته: نحن أغلبية وهم قلة، ثم قالوا «نحن أولو قوة وأولو بأس شديد» فإذا بكثرتهم تتبدد، وإذا بقوتهم تخور، فتخرج الملايين ضدهم فى ظاهرة مصرية لم تحدث من قبل، ومع ذلك لم يتعظوا وأخذوا يخدعون أتباعهم، ويحاولون خديعة العالم بقولهم: إن الجموع التى خرجت ضدنا قلة ونحن الأكثر، وما كثرتهم إلا بضعة آلاف أمام ملايينا، وإذ رأى العالم ملايين البشر تهتف ضدهم استدركوا، وقالوا كذبا: إنما سحروا أبصارنا عن طريق خدعهم التصويرية! فكان عاقبة ذلك أن تم حصارهم فى بقعة من الأرض وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فقال قادتهم لجمهورهم المخدوع: سنقف ونقاتل، ولن نترك أماكننا وسننام أمام مدرعاتهم، ولكنهم وقت الجد ولوا مدبرين!.
وإذ حذرنا الله من الخيلاء والاستعلاء فقال لنا «ولا تمشِ فى الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا» وقال أيضا « ولا تمش فى الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور» فإذا بهم يستعلون على الناس ويتحدثون إليهم بغرور وكبر، وإذ أراد أحدهم أن يخدع أتباعه من أصحاب التدين السطحى قال لهم: إن استعلاءنا هو استعلاء الحق على الباطل، مع أن الحق لا يستعلى، الحق يهدى ويُستهدى به، فكيف لمن سار فى طريق الدعوة أن يستعلى على من يدعوهم! ثم إننا لم نكن أبدا فى مواجهة بين حق وباطل، ولكننا أمام صراع على الحكم أرادت جماعة أن تنفرد به، ورأى لشعب أيقن أن هذه الجماعة لم تقدم خيرا له، وأرادت أن تبقى على سدة الحكم بلا انتهاء، فإذا بالجماعة التى زعمت أنها الحق تنهار باستعلائها، وتُذل بكبرها!.
وإذ قال الله لنا فى كتابه الكريم «لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله فى شىء»، ولعل من نافلة القول أن جماعة الإخوان كانت تصف أمريكا وأوروبا بأنهم أعتى أهل الأرض كفرا وأشد أعداء الإسلام بغيا، فإذا بهذه الجماعة إذ أرادت أن تغالب شعبها تقوم بالاستعانة بأمريكا وأوروبا فتتخذ بذلك من وصفتهم بـ«الكفر» أولياء ضد أهلهم من المسلمين، ولذلك من العجب العجاب أن تقف أمريكا وإنجلترا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا ـ ومنهم من كان صاحب العدوان الثلاثى على مصر، ومنهم من كان يحتل مصر ـ مع جماعة تقول إنها تريد أن تنتصر للإسلام فى مواجهة شعب وقفت معه دول ترفع راية الإسلام مثل السعودية والإمارات، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل»!.
ونهانا الله عن القتل فبدأوا شعبهم بالقتل، ونهانا عن الكذب فكذبوا ونهانا عن الخديعة فخدعوا ونهانا عن خيانة الأمانة فخانوها، ونهانا عن الاستخفاف بالناس فاستخفوا قومهم، ووقف أحدهم فى أحد الأيام مستخفا بالناس قائلا: من لا يعجبه ما نحن فيه فليهاجر إلى كندا ففى الغرب متسع لهم، ولأنه من تمام عدل الله فى الأرض قول القدماء: اعمل ما شئت كما تدين تدان، والجزاء من جنس العمل، فإذا بالأيام تدور فدالت دولتهم، وهم الآن ما بين محبوس لجريمة ارتكبها وبين هارب يبحث عن مهرب غير عزيز إلى أمريكا وكندا، ولله الأمر من قبل ومن بعد، لا تتعجب يا صديقى إنها إرادة الله، ولا تخرج من هذا المقال قبل أن تقول سبحان الله.