كل يوم يخرج علينا واحد متحدث باسم جماعة الإخوان، لينفى أن تكون الجماعة مؤمنة بعنف أو محرضة عليه، وهو كلام يجعل كل من يسمع هذا المتحدث يتساءل على الفور: من إذن يرتكب كل هذا العنف، كل يوم أيضاً، ومن إذن، يا أيها المتحدث، يُرهب المصريين فى كل صباح، ويفزعهم، ويخيفهم، ويروعهم؟!
والشىء المؤكد أن الجماعة تعلم جيداً أن أى مسيرة فى أى بلد فى العالم، لا تخرج إلا إذا حصلت على تصريح مسبق من الشرطة المسؤولة عن المنطقة التى سوف تخرج فيها، بحيث يحدد التصريح، بالضبط، نقطة بدء المسيرة ونقطة انتهائها، ومسارها، وأهدافها، و... و... إلى آخره.
وبما أن هذا معلوم لدى الكافة، وبما أن «الإخوان» لا تترك فرصة إلا وتؤكد فيها سلمية مسيراتها، فالطبيعى، عندئذ، أن تدرك الجماعة أن هناك من يرتكب عنفاً تحت غطاء مسيراتها، وأنها لكى تكشفه فإن عليها أن توقف هذه المسيرات، أو على الأقل تعلن مسبقاً خريطة حركتها فى الشارع، والفترة التى سوف تستغرقها هذه الحركة، ليتمكن الأمن من ضبط الأمر، ومنع آخرين من الاندساس بين أفراد المسيرة، هذا ما يقول به العقل، إذا كانت الجماعة حريصة حقاً على ألا تكون كل مسيرة لها مجرد غطاء لترويع الناس فى الشارع، والاعتداء على المنشآت العامة والخاصة، وتخريبها.
صحيح أن هناك عدداً من البلطجية لا يكاد يسمع عن انطلاق مسيرة فى أى اتجاه إلا ويندس بين طياتها، ثم يمارس عنفاً، وتخريباً، وتدميراً، تحت مظلتها.. وصحيح كذلك أن الباعة الجائلين لا يجدون مكاناً ينشطون فيه بأعداد كبيرة أفضل من أى ميدان يقوم فيه اعتصام من أى نوع، صحيح هذا كله، ولكن الأصح منه أن العقلاء فى الجماعة، إذا كان لايزال فيها عقلاء، يعرفون تمام المعرفة أننا إذا صدقنا أنهم لا يمارسون عنفاً، ولا يحرضون عليه، فسوف نؤكد لهم أن هناك فى المقابل من يعربد محتمياً بمسيراتهم، ثم تبقى الجريمة، بكامل أركانها، معلقة فى رقبة كل إخوانى، قد يكون بريئاً منها، ولكن المشكلة أننا نراه هو، مع رفاقه فى مسيراتهم، ولا نرى الذين يتخفون بينهم، ويتحركون باسمهم، ويقتلون تحت غطائهم!
مطلوب من الجماعة، وبسرعة، أن يكون عندها الحد الأدنى من العقل، وأن تقطع الطريق على هذه العناصر، التى لا تندس بين مسيراتها فقط، وإنما تستفيد منها، أيضاً، ثم تتحمل «الإخوان»، دون أدنى مبرر، مسؤولية الجرم كاملة!