يسوع المسيح كان يطوف، يعلِّم الشعب بالأمثال وبالمواقف العملية، ليفهم البسطاء رسالته بوضوح.. رسالته أن يعرف البشر الطريق إلى نور الله، طريق الحق والعدل والرحمة، وأن يتشددوا ليسيروا فيه إلى النهاية، لأنه طريق ضيق وشاقّ يحتاج إلى نفوس عفيّة وإرادة قوية تقاوم إغراءات الحياة الأرضية وأخطرها المال والسلطة والكبرياء.. يسوع لما وصل أورشليم اتجه إلى الهيكل ليصلّى ويعلّم الشعب، فوجد التجار والصيارفة الذين يُقرضون بالفائدة، والبائعين يفترشون الأرض وذلك فى وجود رؤساء الكهنة والكتبة المنافقين المضلّلين الساعين للسلطة والمال، الذين كانوا هم الحكماء والمعلمين المؤتمَنين على الشعب. يسوع غضب وقلب موائد الصيارفة وطرد من يبيعون ومن يشترون قائلا لهم «مكتوب أن بيتى بيت صلاة يدعى وأنتم جعلتموه مغارة لصوص».
هذا ما حدث فى جامع رابعة العدوية وجامع الفتح فى رمسيس والكثير من جوامع مصر.. بيوت الله تحولت إلى ساحات للتآمر، ومخازن أسلحة، ومعتقلات تعذيب، وانطلق من مآذنها الرصاص من قتلة مأجورين سلّحهم نظام فاشىّ يموّله تنظيم إجرامىّ عالمىّ وترعاه دول رأسمالية شَرِهة مستعدّة أن تدمر دولا وتُفنِى شعوبا إذا مسّت مصالحها. سلَّحوا الجماعة بخطط الشر وأسلحة الدمار والأموال فأسسوا للقاعدة وطالبان فى مصر.. وترصد المصريون بأبنائهم وأهلهم وتفككت العائلات وانقسمت، مصريون يقتل بعضهم بعضا ويدمرون وطنهم بوهم نصرة الإسلام والحقيقة أنهم يحاربونه بسلوكهم الوحشى.
والحقيقة الأكثر مرارة هى أن كل مصرى تحول إلى إرهابى هو نتيجة فساد الحكام ونظام حكمهم.. لكن البكاء على اللبن المسكوب لن ينقذ مصر.
نريد وفورا حكومة وطنية عفيّة لها قلب جسور ووعى وعلم وثقافة ووطنية.. حكومة قادرة على اتخاذ القرار وعلى تنفيذه.. حكومة تقلب موائد الصيارفة الذين يقرضوننا المعونة ويمتصّون دماءنا بالفوائد ويذلوننا بشروطهم ويصدّرون لنا الإرهاب قبل المعونة.. إلى الجحيم هم وقروضهم المالية المذلّة، ومعونتهم العسكرية الكاذبة، فمناورات «النجم الساطع» هى تدريب عملىّ مجانىّ لقواتهم على الحروب فى الصحراء التى يجهلونها.
والحقيقة أن الحكومة حتى الآن فشلت إعلاميًّا بامتياز.. وقفت تتفرج وتشجب مثل عامة الشعب، على أكاذيب القنوات المأجورة عما يحدث فى مصر دون رد عملى بالصور والأفلام التى صورتها طائرات القوات المسلحة، وكاميرات المصورين الصحفيين الذين استشهد بعضهم واكتفينا بتعليق صورهم والبكاء عليهم، وعلى عجزنا عن إعلان الحقيقة للعالم كله.
المؤتمر الصحفى العالمى الذى عقدته الرئاسة وأعلن فيه مصطفى حجازى المستشار السياسى لرئيس الجمهورية، أن جماعة الإخوان المسلمين هى جماعة إرهابية، تأخر كثيرا.،. وظهر مبتورا لأن الصورة أبلغ من الكلام، كان يجب بذل الجهد بإضافة شاشة فى الخلفية تعرض أدلّة الإدانة للعالم الذى كان يسمع ويرى ويستعدّ لفرض العقوبات على مصر، كما تحرك التليفزيون المصرى ببطء وبيروقراطية رغم تحريره من قبضة الإخوان، فلم يترجم ما يحدث إلا بعد مبادرة قناة «أون تى فى».. هيئة الاستعلامات نامت فى انتظار وصول رئيسها من الخارج لتسلم مهام منصبه وتوزيع الأوامر والتوجيهات للرد على أكاذيب الإعلام الفاجر الذى قلب الحقائق وزوَّر المشاهد، وأقنع الغرب بأن الجانى هو الضحية.
لذلك أطالب بتغيير كل موظفى هيئة الاستعلامات المرتعشين المنتظرين للتوجيهات.،. وأطالب بعزل كل مسؤول ثبت أنه لم يمتلك الوعى ولا الفكر ولا شجاعة اتخاذ القرار وتنفيذه منذ يوم 30 يونيو كما فعل السيسى قائد الوطن.. الإعلام الرئاسى والتليفزيونى والصحفى يحتاج إلى ثورة سريعة.. الكفاءات موجودة وكثيرة ومعروفة لدى مواقعها، والقرارات يجب أن تكون أسرع وأكثر حسما وكذلك المحاسبة.. لا وقت للتردد، ولا مكان للمحسوبية، ولا صبر على أساليب المناورات السياسية.. وكفانا خيانة البرادعى حامل قلادة النيل أعلى أوسمة مصر، وأمثاله تجار السياسة والمصالح، لاعبى الأكروبات السياسية الذين خذلوا شبابنا وخدعوهم وشتتوهم وسيتحملون ذنبهم يوم الحساب.
تعبنا لكن عضلاتنا أصبحت أشد، وإرادتنا أقوى، ورجاؤنا فى الله لا ولن يتزعزع.. مصر محروسة ومباركة لأنها مهد الأديان، وشعبها ارتوى بالإيمان وتشبّع بالحب والتسامح والصبر.. لكنه شعب صلب، يمتلك حسًّا فطريًّا صادقا وجسارة.. نحن وطن له سيادة وكرامة.. شعبنا شعب أبىّ ولن ينقسم مهما حرقوا كنائس وجوامع، وحتى لو ضلّ بعض أبناؤه وابتلعوا الطُّعم المسموم، والتاريخ شاهد والمستقبل لنا، وهو مشرق بإذن الله.