دعاة السلام وأصوات الضمير تلعنهم كل الأطراف فى بداية الحروب الأهلية ويستنجدون بهم فى آخرها!
اترك نفسك لدعاوى التحريض والشيطنة للمختلفين عنك، صدِّق كل ما يقال عنهم حقيقياً كان أو غير حقيقى، بل بادر باختلاق الإفك عنهم حتى تستطيع استباحة حقوقهم كبشر، انتشِ واستمتع لقتلهم وموتهم وارقص على أشلائهم.
لا تستمع لمن يقول لك إن الدم سيتبعه دم، لا تصدق من يخبرك أن دائرة العنف لن تتوقف إذا بدأت، وأنها ستطالك شخصياً يوماً ما، تجرد من كل معانى الإنسانية بل هاجم وخوِّن كل صوت عاقل يحذرك مما ستمضى إليه الأمور.
ألغِ عقلك تماماً، وبرر لنفسك أن مخالفيك قد فعلوا كذا وكذا، والمعاملة بالمثل، فإذا أجرموا أجرمت، وإذا قتلوا قتلت، وإذا كذبوا كذبت، لا يعنيك أن تجد نفسك فى لحظة مثلهم، لا تختلف عنهم لتمارس نفس الانحطاط الإنسانى والتشوه النفسى.
سيبدأ الدم من بعيد يقترب منك، ستسمع فى البداية عن مقتل قريب لصديق لك، ثم جارٍ لك، ثم قريب، ثم صديق، وفجأة ستنهار حين يسقط ابنك أو أختك أو زوجتك أو شقيقك فجأة بلا ذنب اقترفه، لكن العنف لا يفرق بين الناس، والحرب الأهلية لا تختار من تقتل.
حين يحترق قلبك على ولدك وذويك تذكَّر أنك شريك فى قتله بما كتبته يوماً، وبما قلتَه يوماً، وبصمْتك يوماً، وبتشجيعك يوماً، لن تشفع لك دموعك فأنت قاتلُه، وستبقى ما حييت تعانى من وجع الضمير ووحشة النفس لأنك قتلت ابنك بيديك.
إذا لم ترد أن تفقد ولدك وأهلك فعُدْ إلى رشدك، اعزل نفسك عن كل المؤثرات الخارجية وأمعن فكرك فى موقفك مما يجرى حولك، لا تصدق من يتاجرون بالدين على ناحية ولا من يتاجرون بالوطنية والأمن القومى والحرب على الإرهاب فى الناحية الأخرى، فهؤلاء يعرفون أماكنهم التى سيهربون إليها حين يصبح الوطن بركة دماء كبيرة، وسيتركونك وحدك تتقطع كل يوم وأنت تفقد واحداً من أهلك سيطاله الدم.
لا تبحث الآن عن متهم تلقى عليه اتهاماتك، لا تمكث فى التلاوم طويلاً، فلن تخرج بشىء، كلنا مسؤولون وإن اختلفت درجات المسؤولية؛ من جماعة قررت حرق الوطن من أجل السلطة، ومن تيار استئصالٍ وقتلٍ داخل الدولة يرى أن سفك الدماء والردع هما الحل الأمثل لحل مشاكل الوطن.
كلهم مجرمون، فلا تكن معهم، وكل طرف فيهم جريمته تختلف عن الآخر، ولكنهم يتشاركون فى تمزيق وطن وإبادة شعب.
انجُ بنفسك وبمن حولك، لا تعط غطاءً وشرعية لا لهؤلاء ولا لهؤلاء، تجار الدم يحتاجون تشجيعك ودعمك ليمارسوا القتل كلٌّ بطريقته، فانزع عنهم الغطاء وادعُ كل مَنْ حولك ليكونوا مثلك لنحصر دائرة القتل ونوقف مسلسل الدم.
هذا أوان العقل والحكمة، فلا يتخلفنَّ أحد عن إجهاض الفتنة التى اكتوينا بألسنة لهبها. سيلعن التاريخ كل صاحب رأى وتأثير وكل من يثق الناس فى شخصه وعقله ولا يبادر لحقن دماء المصريين وإنقاذ الوطن. درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، وأى مفسدة أعظم من انفراط عقد الوطن واقتتال أبنائه؟!
حفظ الله مصر.