بالتدريج تنقشع سحب الإخوان الداكنة التى كانت تحجب شمس مصر الساطعة لتعود مصرنا لسابق عهدها، دولة متحضرة ذات كفاءات فى مختلف المجالات، يشهد لها العالم من نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ومصطفى مشرفة وعبدالوهاب وأم كلثوم وصلاح أبوسيف ويوسف شاهين، والذين حاولوا طمس أبنائهم وأحفادهم طوال 30 عاماً، ثم جاء حكم الإخوان فى العام الماضى ليمكن أتباعه منعدمى الكفاءة من كل مواقع صنع القرار، فطمسوا الصورة الحقيقية المشرقة لهذا البلد العريق.
فعلى مدى عام كامل تدهور حال البلاد بسبب إقصاء كل الكفاءات التى لا تنتمى للجماعة، رغم أن هناك مجالات عمل متخصصة لا تتطلب بالضرورة انتماءً إخوانياً مسبقاً كالاقتصاد والعلوم والبيئة والطاقة والمواصلات والزراعة والصناعة وغيرها.
لكن مع سقوط الإخوان بدأ تطهير جهاز الدولة من أتباعهم الفشلة الذين زرعوا فيه بلا وجه حق، وبدأ وجه مصر الحقيقى يظهر أمام أبنائها وأمام العالم، وبالأمس فقط ظهر وجه الرئاسة المصرية لأول مرة شاباً فتياً يملك ناصية الحديث بالمنطق والحجة، وذلك فى شخص المستشار السياسى لرئيس الجمهورية الدكتور مصطفى حجازى، الذى ترك انطباعاً بأن مصر واثقة من نفسها قادة مقتدرة، تدرك ماذا تفعل وتعرف كيف تتعامل مع ما يفعله الآخرون.
إن مجرد إعلان الدكتور حجازى أن ما أسقطته الجماهير يوم 30 يونيو هو الفاشية الدينية وضع الأمور على الفور فى نصابها، كما وضع كل الأطراف الدولية بلا مواربة أمام مسؤولياتها، ولأنه عبر عما يشعر به الناس فقد انبهروا بحديثه وتوقفوا طويلاً عند أدائه القوى المتزن.
وقبل مصطفى حجازى تعرفنا أيضاً على قدرات جديدة لرجل الإعلام المتمرس أحمد المسلمانى الذى كان الجمهور يعرفه كمقدم برامج متميز فإذا هو متحدث صحفى من الطراز الأول.
ولقد انبهر الناس قبل حجازى بالأداء البارع للعقيد أحمد محمد على، المتحدث الرسمى للقوات المسلحة الذى عبر عن نفس الثقة بالنفس والوضوح فى الرؤية وقوة الحجة التى طالما تطلع إليها الناس فى مسؤولينا الذين ظلوا لسنوات يختارون ليس لكفاءتهم وإنما لانتمائهم للحزب الوطنى الحاكم، ثم بعد ذلك لجماعة الإخوان الحاكمة.
إن الزهور بدأت تتفتح فى بستان الوطن ولم يكن مصطفى حجازى وأحمد محمد على إلا القطفة الأولى من ذلك الحصاد الوفير الذى يدخره القدر لمصر، والذى سيظهر تباعاً فى أعضاء الحكومة التى تضم هى الأخرى بعض أفضل الكفاءات الوطنية، وفى مختلف مواقع الدولة الجديدة التى نتطلع إليها، الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التى طالبت بها الثورة والتى تليق بتاريخ هذا البلد العريق.