شنّت جماعة الإخوان ورفاقها من الجماعات المتطرفة، الجمعة الماضية، حرب حرق مصر، سيّروا المسيرات فى قلب القاهرة، وسار وسطها قناصة مدربون كانوا يطلقون النار على كل شىء يتحرّك أمامهم، ساروا فوق كوبرى ١٥ مايو، وأطلقوا الرصاص على مساكن المصريين بشكل عشوائى، واعتدوا على أقسام شرطة ومبانى حكومية، وواصلوا مسلسل حرق الكنائس، فوصل العدد بنهاية الجمعة إلى ٧٠ كنيسة، اعتدوا على ممتلكات الأقباط، وبدا واضحًا أن ميليشيات الجماعة لديها تعليمات بالانتقام من كل ما هو مصرى، وأطلقوا النار على أهل مصر فى كل مكان، وأرادوا إشعال البلد بالكامل. أرادوا فى الوقت نفسه الانتقام من كل ما هو مصرى وركّزوا على رجال الشرطة فى محاولة لكسر هذا الجهاز، وظنّوا أنهم قادرون على ذلك، وفى حال تحققه فقد دانت لهم السيطرة على البلاد. تصدّت لهم الشرطة بحزم وأدّت دورًا بطوليًّا فى الزود عن البلاد والعباد. واصلت مصر معركتها مع الإرهاب فى وقت قدّم فيه الغرب غطاء سياسيًّا للجماعة ورفاقها، الغرب الذى اكتوى بنيران القاعدة فى ١١ سبتمبر ٢٠٠١، وضرباته التالية للعواصم الأوروبية «لندن ومدريد وباريس» قدّم غطاء سياسيًّا للجماعة ووصف جرائمها بأنها مظاهرات سلمية، وحاول ممارسة الضغط على الحكومة المصرية كى ترضخ للجماعة، وهو ما فشل فيه فشلًا ذريعًا، فالغرب هنا كالجماعة ذاكرته ضعيفة ولا يتعلّم من التجارب، فقد عجز الغرب فى منتصف الخمسينيات عن تركيع مصر، وواجه المصريون العدوان الإنجليزى الفرنسى الإسرائيلى عام ١٩٥٦، ونجح عبد الناصر فى لعب دور قيادى فى المجتمع الدولى عبر تأسيس حركة عدم الانحياز مع الهند ويوجوسلافيا. الجمعة الماضية كانت ملحمة شعبية، حيث شارك الشعب الشرطة وقوات الأمن فى مواجهة الإرهاب، تصدّى أهل شبرا لمسيرات الجماعة والفرق المؤيدة لها عندما حاولت الاعتداء على سكان المنطقة وعلى الممتلكات العامة والخاصة، لقّن أهل شبرا وشبرا الخيمة درسًا قاسيًا لجماعات الإرهاب وأفشل مخططها وطارد عناصرها فى الشوارع وشتت شملها. كان أداء شباب بولاق أبو العلا رائعًا، شباب ابن بلد تصدّى لميليشيات الجماعة المسلحة وطاردها، دفع ثمنًا لمواجهة الإرهاب سدده ضريبة للوطن عن طيب خاطر، أيضًا قام أهل حدائق حلون بالتصدى لبلطجية الإخوان الذين حاولوا خداعهم عبر التأكيد لهم أنهم سلميون ولن يقتربوا من كنيسة المنطقة وبعد أن سمحوا لهم بالمرور سرعان ما استخدموا السلاح محاولين حرق الكنيسة، فتصدّى لهم شباب المنطقة وشتتوا مسيرتهم. هناك عشرات الملاحم البطولية التى أدّاها أبناء مصر الذين تصدوا لمخطط الجماعة لحرق الوطن. أيضًا بادر المجتمع المدنى وتجمعات الشباب المصرى بنقل صورة حقيقية لما يجرى على أرض مصر للعالم الخارجى، استخدموا كل وسائل الاتصال المتاحة فى مخاطبة الرأى العام العالمى، استخدموا مواقع التواصل الاجتماعى فى كشف حقيقة ما يجرى وفى تعرية موقف الإدارة الأمريكية الداعم للإرهاب والمساند له، حازمًا بكل قوة فضح زيف خطاب الجماعة وكشف دمويتها وعنفها وإرهابها، سبقوا الخارجية ومؤسسات الدولة فى التواصل مع العالم الخارجى، وقامت قنوات فضائية مصرية، خصوصًا «on tv»، ببث ترجمة فورية لبرامجها المختلفة، فوصلت الرسالة إلى الرأى العام العالمى سريعًا، هذا بينما كان الالتباس سيد الموقف فى الأداء الرسمى، فيبدو واضحًا عجز الإعلام الحكومى الذى ينفق عليه الشعب مليارات الجنيهات سنويًّا فى أداء مهمته، ويبدو أن بات أسير الدفاع عن النظام، أى نظام، باللغة العربية، ولم يستوعب بعد كيف يكون إعلام شعب ودولة. أيضًا بدا الالتباس واضحًا فى موقف وزارة الخارجية، فرغم التقدير للوزير نبيل فهمى، فإن أداء الوزارة يتّسم بالبطء الشديد والضعف أيضًا، ويبدو أن ولاء عدد من السفراء فى عواصم كبرى لا يزال لنظام مرسى، ومنهم مَن قد يكون خلايا نائمة، ومن ثَم يعملون ضد مصالح الدولة المصرية، فهل تمت مراجعة تعيينات الجماعة فى العواصم الكبرى؟ لماذا لم يتحرّك سفراء مصر فى عواصم غربية وكشف حقائق الموقف للحكومات والرأى العام الغربى؟ ما أود تأكيده هنا هو أن الأداء الرسمى على مستوى الإعلام والخارجية أقل كثيرًا من المستوى المطلوب فى هذه المرحلة الحرجة التى تمر بها مصر، وأن الأداء غير الرسمى من قنوات فضائية خاصة ومنظمات مجتمع مدنى وأفراد كان أرقى كثيرًا.
باختصار، ساند الشعب الحكومة وقام بدور بطولى فى الدفاع عن البلد، وواجه بشجاعة منقطعة النظير جماعات العنف والإرهاب، وعوّض بطء الأداء الرسمى فى الخارجية والإعلام.