الآن عرفنا من قتل الثوار فى ثورة يناير.. الآن علمنا من فتح السجون وروّع الآمنين.. الآن أدركنا من اقتحم أقسام الشرطة، ومن أدار موقعة الجمل، ومن قتل شهداء رفح، فى رمضان ٢٠١٢م.. الآن عرفنا، وعلمنا، وأدركنا، وتأكّدنا.. من منكم تصوّر يوما أن الإخوان يحملون ذرة من الخير لمصرنا؟! من تخيّل أنهم يؤمنون ولو لذرة بتداول السلطة؟! من جال بخاطره ولو لحظة، أنهم يمكن أن يتخلّوا عن السلطة، حتى ولو قالت الصناديق هذا؟! الإخوان، عندما صعدوا إلى السلطة، وضعوا أمامنا خيارات محدودة.. إما أن نقبل بهم إلى الأبد، ونقبل بالخضوع والذل والهوان، ونرضى بأن نكون مواطنين من الدرجة الرابعة فى وطننا، وفوقنا الأهل والعشيرة، وفوقهم الجماعات التكفيرية والجهادية، والإخوان على رأس الكل، وإما يدمّرون ويحرقون ويسقطون مصر.. ودعونى أتحرّر من الحذر والحرج والمجاملات، وحتى من الكلمات المنمقة، لأقول إن كل من انتخب مرسى، ممثل جماعة الإخوان، فقط لأنه يكره الفريق أحمد شفيق، مسؤول عن كل قطرة دم تراق فى مصر الآن، ويحمل فى عنقه مسؤولية تغليب عواطفه على عقله.. المفكرون منهم بالذات لا يمكننى أن أغفر لهم هذا.. لأنهم مفكرون.. ولأنه من المفترض أن الفكر لديهم هو الأساس، وليس الانفعال والغضب.. فلو أنهم يفقدون حكمتهم وبعد نظرهم مع الغضب، فماذا يكون الفارق بينهم وبين عامة الشعب؟! إنهم فقط يجيدون حرفة الكتابة، أو طلاوة اللسان؟! لقد اختاروا جماعة تقول للوطن (طظ)، فقط لأنهم كرهوا المرشّح البديل! لم يمنحوا أصواتهم اقتناعا، بل منحوها غِلًّا وغصبًا.. أو ربما لكى يقول لهم الميدان أيامها برافو! باعوا الوطن بالغضب، فأين الفكر فى هذا؟! وعلى الرغم من كل ما تواجهه مصر من تحديات وإرهاب وترويع، فأنا شديد التفاؤل بمستقبلها.. فزمن التتار المتأسلمين هذا هو بداية المستقبل لمصر.. ولا تتعجّب من هذا، بل حاول أن تنظر إلى الأمور من منظور أكثر اتساعا.. صحيح أن هناك أرواحا تزهق، وصحيح أن هناك دماء تسيل.. خوف وحزن وإرهاب وألم ودموع ولكن كل هذا هو ثمن الحرية.. ثمن سقوط قناع الإخوان والتيارات التى تؤيّدها.. ثمن بصيرة الشعب التى استنارت، وأدركت من عدوّها الحقيقى.. ثمن إعادة نسيج وطن، سعى الإخوان لتمزيقه باسم الصندوق.. قناع الطيبة والمحبة والشريعة سقط، وأعلام الشر والعنف والإرهاب وتنظيم القاعدة ارتفعت.. والوجه القبيح أسفر عن نفسه.. الوجه الذى لا يتوانى عن حرق وتدمير مصر، إن لم يحكم ويستبد.. كل شىء انكشفن وبان، على رأى عمنا مدبولى رحمة الله عليه.. ولكن التتار، الذين عاثوا فى البلاد دمارا وتخريبا هزمتهم مصر قديما.. وتتار هذا العصر ستهزمهم مصر أيضا.. ستهزمهم بجيشها، وشرطتها، وشعبها وشبابها.. والأهم بإرادتها، التى تصر على أن تحيا مصر، حتى ولو أريقت دماء نصف المصريين، فى سبيل حياتها وحريتها ومستقبلها.. الإخوان لا يستعينون بالتيارات الجهادية والتكفيرية فحسب، ولكن ببلطجية مدفوعى الأجر أيضا، لإرهاب وترويع الشعب، وتحريضه على الجيش.. ولكن تتار مصر لن ينعموا بجرائمهم.. ويوما ما إن شاء الله، سيقرأ أبناؤنا وأحفادنا تاريخ زمن التتار المتأسلمين هذا، وهم يعيشون فى حرية، وينعمون بالأمن والأمان، على أرض مصر المستقبل، وسيدركون، وهم يقفون احتراما، أمام قائمة شهداء الوطن والواجب، أنه لولا دماؤهم الطاهرة لما كانت حريتهم هم.. إنها حرب تفوق حرب أكتوبر أهمية، فحرب أكتوبر كانت من أجل استرداد أرض، أما حرب التتار هذه، فهى حرب لاسترداد وطن، وحرية.. ومستقبل.. حرب لعبور واحد من أسوأ الأزمنة، التى عرفتها مصر.. زمن التتار
زمن التتار
مقالات -
نشر:
18/8/2013 8:23 ص
–
تحديث
18/8/2013 8:23 ص