كل شىء فى مصر صار بلون الخوف، حاول أن تبدد تلك المشاعر، افتح الراديو أو امسك الريموت وتابع قنوات التليفزيون الخاصة والرسمية ستجد أن الخطاب واحد، انتقل إلى قناة «الجزيرة» أو «بى بى سى» أو «سى إن إن» سترى وجهًا آخر للصورة، ضع الاثنين معًا، فما تخفيه «الجزيرة» تظهره قناة «دريم»
والعكس أيضًا صحيح، ضع بعض التفاصيل والرتوش من عندك على الصورة من هنا أو هناك املأ بها الفراغ ربما تُصبح الرؤية شبه كاملة، انظر للشارع من الشرفة، عدد قليل من المارة بينما السيارات فلا وجود تقريبًا لها، لم نتعود على هذه الحالة من البرودة، غادر بيتك وقت ساعة الحظر «اللى كانت فى الماضى ما تتعوضش» أصبحت 11 ساعة من السابعة مساءً حتى السادسة صباحًا ندعو الله أن لا يعيدها علينا، الظلام هو السيد هكذا تبدو الرؤية الأولى للمشهد، لا ليس الظلام الذى نعيشه هو ما يخيفنا، لكن ضبابية المشهد، المحلات التى كانت تمنح الدنيا بهجة أظلمت واجهاتها تمامًا،
ووجدت على بعضها بابًا حديديًّا، كانت تكتفى فى الماضى بإغلاق الباب الزجاجى فقط لأن الدار أمان، الدار لم يعد الآن مع الأسف يوحى بالطمأنينة، الونس فى وجود الناس هو الذى يمنح الهدوء لأصحاب تلك المحلات فلا خوف من اعتداء أو اقتحام، الآن لا صوت يعلو على صوت الخوف، المصرى لا يفتح فقط دكانه لأكل العيش، لكنه يتنفس من خلال الناس عبير الحياة حتى لو لم يشتروا شيئًا واكتفوا فقط بالفصال، نعم لاحظت من يرفع قيمة البضاعة مستغلًا المحنة والظرف الاستثنائى الذى نحياه، إنهم تنويعة على أغنياء الحرب وهؤلاء تجدهم فى كل المواقع وفى كل زمان ومكان، كل شىء يحاولون اقتناصه وبيعه حتى حب الوطن يتحول لديهم إلى شعار زائف.
دور العرض السينمائية التى تقع واحدة منها بالقرب من منزلى أغلقت كانت قبل أيام قد عادت إليها الروح فى العيد وكان عنوانها «قلب الأسد» الذى ناله من الهجوم الكثير بعد أن ناله إيرادات غير مسبوقة، رفعت السينما مجددًا يافطة نأسف للإغلاق لأجل غير مسمى، فى أيام العيد اضطرت العديد منها إلى أن تضع شعارًا مغلقًا لاكتمال العدد، السينما أغلقت أبوابها مجددًا فلا يوجد من يريد أن يقطع تذكرة الدخول، الأمر ليس له علاقة بقرار حظر التجوال، لكن بالحالة المزاجية للمصريين.
كيف نتعايش مع الحدث الذى لا أتصوره بالمناسبة مؤقت، لكنه صار جزءًا من طقوس الحياة اليومية فى مصر منذ ثورة 25 يناير، علينا أن نتعود على طعم الحياة الجديد، المهرجانات السينمائية فى مصر على الأبواب، مدير التصوير الصديق كمال عبد العزيز رئيس المركز القومى للسينما المسؤول عن المهرجانات أكد لى أنها سوف تعقد فى موعدها.
وأضاف نحن نقاوم من يريدون إطفاء أنوار الثقافة بإشعال المصابيح فى موعدها، قلت بعض من يرأسون هذه المهرجانات سوف يؤكدون أن الهدف هو وجه مصر الحضارى والثقافى والوطنى وأضفت أعرف بعضهم، وأؤكد لك أنه لم يعرف عنهم أبدًا أى تضحية أو أمانة، اعتبروا المهرجان سبوبة ومستعدون ليعلنوا كلمات جوفاء لكى يستمر دعم الدولة ويواصلون نهب مال الحكومة، هذه الأموال لن يحصلوا عليها لو أوقف المهرجان لظرف أمنى قاهر، ينبغى التقليل من ميزانية تلك المهرجانات، يجب أن يتنازل الجميع عن أجورهم وأن تتوجه الفعاليات إلى تحقيق هدف واحد وهو أن يعرف العالم أن مصر لا تزال قادرة على الصمود، لا مكاسب شخصية أو خاصة وأضفت تقليص الميزانيات يجب إعلانه فورًا على الناس، وتغيير الفعاليات لأن الرسالة التى يجب أن تعلن صراحة وهى أن مصر ستواصل الحياة لن يعنينى فى تلك الحالة مستوى الأفلام، فقط علينا أن نفتح أعيننا لضبط من تعودوا على الخيانة والبيع.
من كانوا عنوانًا للفساد مهما ارتدوا زيًّا آخر سوف تكشف هذه المحنة التى يعيشها الوطن وجههم الحقيقى، موقن أن الخيانة صارت مثل كرات الدم الحمراء والبيضاء تمشى فى عروقهم لن يتغيروا فجأة، نعم واصلوا المهرجانات، لكن بضمائر يقظة وعيون مفنجلة تتصدى لمن يبيعون الوطن وقت الحظر!