مضطَّرًّا والله العظيم، واتصالا بسطور أمس، فقد قادتنى الصدفة أو ربما الحظ السيئ مساء أول من أمس إلى رؤية برنامج على شاشة قناة «بى بى سى» العربية كان مخصصا كله لما جرى فى مصر يوم الأربعاء الماضى بعد قيام قوات الشرطة فى الصباح وبأداء مهنى راقٍ ومنضبط ومثير للإعجاب بفضّ بؤرتى العفن والإجرام المسلحتين اللتين نصبتهما جماعة الشر الفاشية السرية على أسفلت الطرق فى منطقتى رابعة العدوية ومحيط جامعة القاهرة.
بدا واضحا من نوع الضيوف وطبيعة الأسئلة والمجرى الذى وُجهت إليه المناقشة فى البرنامج، تلك الحقيقة التى صارت واضحة وشائعة ومشهورة، ألا وهى معاناة أغلب وسائل الإعلام الغربية (خصوصا الوسائل الموجهة حكوميا مثل الخدمة العربى لـ«بى بى سى») من أعراض بؤس شديد وفقر مدقع فى الموضوعية وأصول المهنة واستبدالهما فى كل ما يخص الوضع المصرى الراهن بأداء هابط جدا ينضح بدعائية فجة وتحريض فاحش وانحياز سافر إلى عصابات الإرهاب المجرمة التى تعيث الآن فى ربوع البلاد قتلا وتخريبا وترويعا، بما يشى ويفضح حجم المؤامرة التى جرى التخطيط لتنفيذها على أرض مصر ومنها (إذا نجحت) إلى سائر بقاع أمتنا العربية، ويكشف أيضا غيظ وغل ورغبة عميقة فى إلحاق أكبر قدر من الأذى بالشعب المصرى عقابا له على ثورة 30 يونيو الأسطورية التى أسقطت وسحقت بقوة واقتدار حكم جماعة الشر الفاشية ومن ثم أفشلت مشروعا خبيثا كانت واشنطن وتوابعها الغربيات استثمرت لأجل تنفيذه استثمارا ضخما فى «الجماعة» المدحورة وراهنت عليها أن تتمكن من إتمام خطف الدولة والمجتمع المصريين وإرساء دعائم نظام طائفى متأخر ومتخلف ومنحط يتحول بسرعة إلى نموذج قابل للتصدير إلى باقى أقطار الأمة، مما يؤدى إلى غرق المنطقة بأسرها فى مستنقع صراعات وحروب طائفية عبثية تحولها إلى ساحة خراب شامل بحيث يتوج الكيان الصهيونى قوة وحيدة مهيمنة بالعدوان والإجرام.
أعتذر عن هذا الاستطراد المهم، وأعود إلى برنامج «بى بى سى» وتحديدا ضيوفه الذين هم أربعة متنوعون ما بين نكرات وهامشيون، ولكن ثلاثة منهم كانوا منحازين تماما إلى المجرمين (أو هم منهم) بينما حاول الرابع أن يقاوم بصعوبة وبكفاءة محدودة، غالبا بسبب أنه لا يعيش فى مصر وتنقصه حقائق ومعلومات كثيرة.
غير أن ما غاظنى ودفعنى إلى كتابة هذه السطور، ليس كل ما فات وإنما ما سمعته من أحد الضيوف الثلاثة الذين كانوا يبيعون بضاعة العداء الفاجر الصريح لشعب مصر وجيشها، ويزايد بعضهم على بعض فى إظهار الغل والكراهية للوطن، غير أن هذا الرجل الذى أعرفه وأعرف جيدا تاريخه وصحيفة سوابقه وأفعاله المتخمة بما لا يسرّ ولا يدعو لأى فخر أبدا، ابتداء من دوره فى آخر فصول فيلم «توظيف الأموال» القديم، ومرورا بعلاقته الحميمة والمبكرة جدا مع الأخ جمال وريث المخلوع حسنى مبارك، وانتهاء بالقفز فى سفينة «جماعة الشر» وهى فى الحكم ثم قفزه منها إلى «الأسطول الأمريكى» شخصيا ومباشرة.. أظنك الآن عرفت هذا المذكور الذى لن أقرفك وألوث هذه السطور بكتابة اسمه صراحة.. فهل تظن حضرتك أن غيظى من الزبالة التى تدفقت من فم هذا «الشىء» طوال وقت برنامج «بى بى سى» وتلك الأكاذيب الشنيعة التى بثها وهلفط بها بغير ذرة من ضمير أو أخلاق أو بقية واهنة من أى حس وطنى؟! أبدا، كل ما غاظنى أن هذا «الشىء» المقرف لم يكتفِ بتجاهل فيض جرائم عصابات «جماعة الشر» من قتل وذبح وتمثيل بجثث الشهداء الأبرار وتدمير وتخريب منشآت عامة وخاصة وحرق عشرات الكنائس بل وبعض المساجد، وإنما غيظى تفجر عندما تحدث «الشىء» المذكور بميوعة وبذاءة لا يمكن وصفهما عن مواطنات مصريات ظهرت صورهن على الشاشة وهن يزغردن فَرِحات بتطهير منطقة «رابعة العدوية» من وسخ العصابة المسلحة التى أذاقتهم من كأس العذاب ألوانا، على مدى ستة أسابيع كاملة!!
لقد استبدّ بى الغضب حتى وجدت نفسى أهتف بحرقة: اخرس يا قذر.