قضيت والأسرة عطلة عيد الفطر المُبارك فى مُنتجع الجونة على شاطئ البحر الأحمر. ويُعتبر هذا المُنتجع أحد مآثر آل ساويرس، الذين وضعوا أموالهم وقُدراتهم التجارية فى تنمية مصر من ناحية، وتعظيم ثرواتهم من ناحية أخرى. فقد أحيا هذا المُنتجع شاطئ البحر الأحمر بين ميناءى سفاجا والسويس، وخلق مئات الآلاف من فُرص العمل، وخاصة لأبناء الصعيد، من محافظات أسوان وقنا وسوهاج. بل أغرت تنمية ذلك الجزء، الذى ظل مُهملاً لقرون طويلة كلاً من الجامعة الأمريكية بالقاهرة أن تفتح فرعاُ لها فى الجونة يتخصص فى الأحياء المائية، أطلقت عليه اسم رئيسها الراحل جون جيرهارت، الذى كان مُغرماً بهذا الجزء من مصر، وكان صديقاً لأسرة ساويرس.
وسرعان ما أقبلت الفنادق بكل مستوياتها، من ذات الخمس نجوم، إلى فنادق الشباب ذات النجمة الواحدة، إلى افتتاح فروع لها. كذلك فعلت الأندية المُتخصصة فى الرياضات المائية والغطس واكتشاف الشُعب المُرجانية. ويُعتبر السُيّاح الألمان والإسكندنافيون هم الأكثر إقبالاً على الجونة، يليهم الإيطاليون والإسبان والإنجليز. والطريف أن المقاول سميح ساويرس قد استعان بالخبرة الإيطالية فى تخطيط مُنتجع الجونة، فجاءت كأنها نسخة من مدينة فينسيا الإيطالية، من حيث كثرة القنوات والخلجان الصناعية، والتى استغلت القرب من البحر الأحمر، لملء تلك الترع، حتى تخيل للزائر أنها جزء من الطبيعة الخلابة لشواطئ البحر الأحمر، التى أصبحت مُنافساً لمنتجعات الساحل الشمالى. وكثيراً ما يُخطط أصحاب الأمزجة الرومانسية، الذين ينشدون الهدوء والابتعاد عن الأنشطة المظهرية والاستهلاكية، إما الذهاب إلى الجونة أو مرسى مطروح. ومن ذلك أنه فى إجازة عيد الفطر المُبارك صادفنا عدداً من الأصدقاء، دون تخطيط مُسبق من جانبنا.
فقد التقى ابنى أمير بزميل دراسته من مدرسة الحرانية الدكتور باسم يوسف، والتقيت أنا بالصديق إبراهيم عيسى، وهو الكاتب المُفضل لى ولابنتى المُحامية راندا وزوجها المهندس نبيل عبدالحميد إبراهيم، فدعوتهما لعشاء فى منزلهما بالجونة. وبمجرد ما انتشر الخبر، دعا حوالى أكثر من ثلاثين من أصدقائهم أنفسهم لنفس العشاء.
وعلى مائدتهم الفاخرة، وحول حمام السباحة، وشواطئ البحر الأحمر قضى ضيوف نبيل وراندا ليلة مُمتعة، أشبه بليالى فيينا التى خلدتها المطربة الراحلة أسمهان بأغنية «ليالى الأنس فى فيينا»، ثم أعاد ترديدها من بعدها موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب. ولم يكن مُمكناً أن يوجد باسم يوسف وإبراهيم عيسى دون أن تنهال الأسئلة والتعليقات حول برامجهما التليفزيونية وحول آرائهما فى المشهد السياسى الراهن.
كان باسم يوسف أكثر تعاطفاً مع الرئيس المعزول محمد مرسى، وأشد نقداً للمثقفين الليبراليين الذين انقلبوا على الديمقراطية حين أتت إلى السُلطة بمن لا يحبهم الليبراليون، وهم الإخوان المسلمين.
وعارضه بشدة إبراهيم عيسى، الذى أكد أن الإخوان يُعادون حُرية الفكر، ويحتقرون الإبداع ويخلطون بينه وبينه «البدَع». وبالنسبة لهم (أى الإخوان) فإن كل جديد بدعة، وكل بدعة فى النار. وبما أن برنامج البرنامج الذى يقدمه باسم يوسف ينطبق عليه صفة البدعة، فإنه هو وصاحبه فى النار، خالدين فيها أبدا!!
وسأل المدعوون عما عسى أن يفعله باسم يوسف فى برنامج البرنامج، حينما يستأنف تقديمه بعد العيد، وقد اختفى الرئيس محمد مرسى من المشهد العام، وحيث إن مادة السُخرية منه كانت رُكناً ركيناً فى برنامج «البرنامج»؟ وكان رد باسم يوسف هو أنه لم يكن يسخر منه «كفرد» ولكن كشخصية عامة فى قمة هرم السُلطة، وأن السُلطة فى مصر الآن لها قمة «ظاهرة» وهى الرئيس عدلى منصور، وقمة خفية، وهى الفريق عبدالفتاح السيسى. وكلاهما يمثل مؤسسة وطنية لها شرعية وطنية وشعبية، وسيترك لمُعاونيه فى البرنامج حُرية اختيار زوايا المُعالجة الفُكاهية، «بما لا يتعارض مع شرع الله، وصحيح القانون».
والله أعلم..