أول أمس كان يوماً مليئاً بالطعنات الغادرة فى جسد تلك البلد وهذا الشعب إلا أنها كانت كلها طعنات متوقعة حيث أنها تجىء من عصابة كارهة للبلد وللشعب ولنفسها وللدنيا كلها.. إلا أن ما لم يكن متوقعاً هو أن تجىء إحدى تلك الطعنات من أحد أهم من إئتمنَّاهم على ذلك الوطن.. الدكتور محمد البرادعى.. فبينما الوطن فى آتون معركته ضد الإرهاب.. وبينما أجهزة الدولة تحاول إشعار المواطنين بأنه لا تزال هناك بالفعل دولة.. جاءت إستقالة البرادعى لتكون بمثابة الهدية لكل من يريد أن يهرطش بأى كلام فارغ عن توصيف ما يحدث فى مصر الآن.. وتغيير الحقيقة التى تنص على أن ما يحدث فى مصر الآن هو حرب صريحة على الإرهاب الذى تمكن على مدار العام الإخوانى الإرهابى الأسود المنصرم من الوصول إلى كافة أنحاء وربوع مصر إلى حقيقة أخرى ( مافيهاش ريحة الحقيقة ) مفادها أن الشعب ما خرجش إلى الشوارع ولا حاجة وأن الجيش هو اللى كان قاعد زهقان ومش لاقى حاجة يعملها فقرر ينقلب مع نفسه.. تغيير الحقيقة التى تنص على أن ما حدث يوم أول أمس من تطهير البلد من تلك البؤر الإرهابية التى كانت تنطلق منها أعمال الخراب فى كافة ربوع مصر ما هو سوى إنتهاك لحقوق الإرهابيين فى ممارسة إرهابهم براحتهم وبدون أن يزعجهم أحد أو تزعجهم الدولة وقمع لحرية الإرهابى فى إشاعة الخراب والفوضى بمزاج مزاجه وعلى كيف كيفه بدون أن توقفه الدولة أو تعترضه أو تقول له تلت التلاتة كام.. هكذا جاءت إستقالة البرادعى لتساوى بين المجرم وبين من يحاول إيقافه عن الإجرام.. جاءت إستقالته لتساوى بين الحق والباطل وتخلطهم على بعض.. جاءت إستقالته فى تلك اللحظة بالذات من تاريخ مصر لتكون بمثابة كومة من التراب أهالها الرجل بكامل إرادته الحرة المباشرة على كل ذلك المقدار من الحب والإحترام اللذان منحناه إياهما عن طيب خاطر نظراً لإحترامه لنفسه وللمبادىء الإنسانية عموماً.. إلا أنه فاجئنا باعتراضه على ما حدث لنكتشف أن إيقاف المجرم عن ممارسة إجرامه طلع حاجة مش كويسة.. وأن تحرك الدولة لإنقاذ البلد من مؤامرة إرهابية واضحة للجميع كأشد ما يكون الوضوح طلع حاجة ما تصحش من قبل الدولة وأن حقوق الإرهابى فى ممارسة إرهابه من غير ما حد يعترضه طلعت أهم بكثير من حقوق المواطن المسالم فى الشعور بالأمن بداخل وطنه.. إذن.. مطلوب من عقلنا أن يتعامل مع تلك الشقلبة فى الحقائق على أساس أنها مبادىء إنسانية.. لا يا عزيزى الدكتور.. عقلنا لا يزال بخير والحمد لله.. وتلك ليست مبادىء إنسانية.. تلك همجية وشقلبة للحقيقة وعبث بأبسط مبادىء المنطق وانضمام إلى خندق اللى مش فاهمين تركيبة المصريين النفسية ولا فاهمين إيه اللى بيحصل فيها بالظبط.. ومشيها خندق اللى مش فاهمين تركيبة مصر النفسية لأن الخندق الآخر الذى يمكننا أن نذكره خندق مش كويس خالص.. للأسف.. مشكلة من احترموا الدكتور البرادعى أنهم يحترمون عقولهم أكثر بكثير.. ومشكلة من أحبوه أنهم يحبون مصر أكثر بكثير.. ومشكلة اللحظة التى انسحب فيها أنها لحظة لا تحتمل المماينة أو الوقوف على الحياد وأنها لحظة فارقة تماماً ( الله يمسيك بالخير يا بوسماعين ).. لحظة اللى يحب يمشى فيها لن يجد من يقول له «لا والنبى ما تمشيش».. لن يجد سوى كلمة «مع ألف ألف سلامة.. الباب يفوِّت جمل».. مشكلة البرادعى الحقيقية أنه بالفعل طلع مش فاهم المصريين.. مش فاهم تركيبتهم النفسية ولا المزاجية ولا مدى تطرفهم مع أى شخص قد يدق الناقصة معهم.. مشكلة البرادعى أننى عندما قرأت خبر استقالته للمرة الأولى على شاشة الجزيرة تعجبت من فُجر تلك القناة التى لا ترعوى والقادرة على إطلاق الشائعات بكل تلك العنجهية.. فالبرادعى رجل محترم.. إذن.. ذلك الخبر محض شائعة سخيفة.. تلك هى النتيجة المنطقية.. إلا أنه بعد التأكد من صحة الخبر ومن أنه مش شائعة ولا حاجة وأنه بحق وحقيق.. تأكدت أنه ليست كل المسائل المنطقية منطقية ولا حاجة.. وأن هناك أشياء عبثية كثيرة فى ذلك العالم لن تبدو لكم للوهلة الأولى أنها عبثية إلا أنها سوف تبدو لكم بعد فترة.. عبثية بغباء!
الوداع يا من كنت BOB
مقالات -
نشر:
16/8/2013 2:30 ص
–
تحديث
16/8/2013 7:49 ص