قلتُ وكتبتُ من قبل، بدل المرة عشرة على الأقل، دعك تمامًا ولا تشغل بالك أبدًا بحفنة الصراصير البيضاء القذرة المعششة فى زوايا بعض الصحف، وقد ناشدك عزيزى القارئ بإخلاص وإلحاح الإعرض التام عن هلفطات مدفوعة الأجر تبثها هذه الصراصير عبر شاشة قناة «الجزيرة مباشر» من وكر الشياطين.
فأما سبب مناشداتى وإلحاحى فهو ليس سببًا واحدًا، إنما مئة تقريبا، أبرزها أن حفنة النكرات هؤلاء، على تفاهتهم وبؤسهم ووسخهم الشديد، نظيفون وفقراء وعراة تمامًا من أى موهبة، ولا يملكون من حطام الدنيا سوى عهر وفجور نقى، تراهم حضرتك هذه الأيام، وهم يبيعونه علنًا وعلى الهواء مباشرة على رصيف قريب من قاعدة «السيلية» الأمريكية فى إمارة قطر (هى واحدة من أكبر قواعد الجيش الأمريكى فى العالم)!
وربما يتذكر بعض قراء هذه الزاوية أن العبد لله كاتبها دعا جميع أصحاب الضمائر الوطنية اليقظة إلى احتقار وإهمال كل جوقة المزورين المدلسين (لكى لا أقول الخونة) الذين لا يهتز لهم رمش، بينما هم يحزقون ويتفتفون ويكذبون ليلًا ونهارًا على الناس والمولى تعالى دفاعًا عن أحط وأبشع ظاهرة إجرامية عرفها تاريخنا المعاصر والحديث كله، أى جماعة الشر الفاشية السرية.
غير أننى أعرف أن الترفع والتعالى الدائم فوق فضائح هذه الجوقة المأجورة وإهمال الرد على أكاذيبها قد لا يكون أمرًا سهلًا دائمًا، لكننى فى نفس الوقت مقتنع أن الضرورة لو فرضت أحيانا التصدى لهذه الأكاذيب والهلفطات النصابة فلا يجب أن تجعلنا نستبيح محظور الاقتراب من «صراصير» تلك الجوقة التعيسة المأجورة، إنما يكفى بهدلة وفضح «عواجيز النفاق» وقدامى المتاجرين بالدين فحسب، حفاظًا على الصحة وقدر قليل من الاحترام والاحتشام.
ومع ذلك أعترف بأننى رغم تدريبى وترويضى لنفسى على تجاهل كل هذا الوسخ وأن لا أقترب منه أصلًا إلا فى الحدود الدنيا وبالقدر الذى تفرضه ضرورات العمل بمهنة الصحافة والكتابة (قاتلها الله) فإن عبد الله الفقير كثيرا ما تخور قواه وتنهار مقاومته أمام آيات معجزات من الكذب الفاجر والنصب المفضوح، وعندها أشعر بالغيظ يتفوق على القرف، ويتفجر بركان فى صدرى، فلا أعود قادرًا على كبح جماح رغبة عارمة أن أمسح الأرض بكرامة هؤلاء النصابين الكذابين.. لو كان عندهم شىء منها.
حدث معى هذا أمس وأنا أطالع وأقلب فى سطور مسمومة كالعادة كتبها أحدهم فى زاويته المنصوبة على قفا إحدى الصحف، فالرجل كان يكفيه من العار والشنار أن يتجاهل (يفعل هذا كثيرًا) فيض الإجرام والإرهاب والقتل والتخريب وسائر العربدات السافلة المتوحشة التى ارتكبتها شراذم عصابات «جماعته» فى طول البلاد وعرضها يوم أول من أمس، لكنه توسل بجرأة وفجور أظن أن الأبالسة والشياطين الزرق يحسدونه عليهما، فقد استبدل الجانى بالضحية ووضع القتلة مكان الشهداء، وبخفة يد النشالين نقل عبء المسؤولية عن كل الفظائع التى لم يعرف المصريون المحدثون مثيلًا لها، من المجرمين الفاشيين الخونة إلى جيش مصر وشرطتها التى قدمت للوطن نحو 50 شهيدًا وعشرات الجرحى سقطوا برصاص سفاحين خوارج نذر نفسه ووضع قلمه دائمًا فى خدمة عقيدتهم وأفكارهم الشاذة المنحرفة، فضلًا عن محاولة تسويق مشروعهم التخريبى والتبرير الدائم لأبشع أفعالهم وأكثرها فظاعة وإضررًا بمصر دولة ومجتمعًا وشعبًا.
هل تريد نموذجًا أو عينة من هذا النصب الفاجر؟ حسنا، فقد نفى هذا المذكور أعلاه نفيًّا قاطعًا حقيقة أن شراذم «العصابات» الإرهابية التى عين نفسه محاميًّا لها، كانت تعربد فى شوارع وطرقات البلد وهى مسلحة بشتى أنواع الأسلحة (منها صواربخ «أر،بى،جى» ورشاشات ثقيلة وبنادق آلية)، ورغم أن هذه الحقيقة ثابتة ومسجلة بصور حيّة بثتها كل وسائل الإعلام على الهواء مباشرة بما يجعل إنكارها يشبه تمامًا إنكار وجود الشمس فى قلب النهار، فإن الأدهى من ذلك أن هذه الكذبة الملامسة حدود الخرافة بدت غبية وهزلية جدا لدرجة تفطس من الضحك.. لماذا؟ لأن رئيس تحرير الصحيفة التى يكتب أخونا على قفاها نشر فى «العدد» نفسه أنه شخصيا شاهد بعينيه اللتين سيأكلهما الدود، أنطاع عصابة الشر المجرمة وهم يروعون المواطنين الأبرياء الآمنين ويطلقون الرصاص من أسلحتهم الآلية فى شوارع منطقة الجيزة!
ولا حول ولا قوة إلا بالله.