إحدى المشكلات الأساسية التى تعرقل عمل حكومة الببلاوى أنها وقعت منذ البداية فى فخ «رابعة» و«النهضة»، هذا الفخ الذى خططت له أمريكا، وحرضت عليه السفيرة الحيزبون «آن باترسون»، وتلقى «الإخوان» التمويل اللازم لتنفيذه، وتم توفير الأدوات الإعلامية لتحويله من «بؤرة إرهابية» إلى مهرجان للتنطع السياسى ومركز لإشاعة العنف وتعطيل الدولة.
كان من الممكن بالطبع إنهاء هذه المهزلة فى ربع ساعة لو تم ذلك فى أعقاب الثالث من يوليو مباشرة، ولكن التردد وعدم الحسم تركا الأمور لتصل إلى الوضع الحالى!! وكان من الممكن إبطال مفعول هذه الورقة التى يتم استغلالها ضد إرادة الشعب، لو أننا رفضنا المساومة من البداية ولم نخضع للتهديد أو الابتزاز، ولم نقبل التدخل الأجنبى الذى اعترفت الرئاسة بأنه تجاوز كل الأعراف الدولية!!
ومع ذلك، فلا ينبغى التهويل فى ما نراه حولنا، فكل التزييف الذى تم قد افتضح، ومحاولة إظهار أن هناك انقسامًا بين قوتين فى مصر قد باءت بالفشل، والكل يعرف الآن الحقيقة التى تعمدت أمريكا وأوروبا إخفاءها منذ 30 يونيو، وهى أن هناك شعبًا بأكمله ودولة بكل مؤسساتها فى جانب.. تقاوم عصابات إرهابية تخون الوطن وتعبث بأمنه، سواء فى سيناء أو رابعة، وتحتمى -للأسف الشديد- بقوى أجنبية صدعت رؤوسنا ورؤوس العالم طويلاً بالحديث عن مقاومة الإرهاب!!
مهرجان التنطع فى رابعة والنهضة على وشك الإفلاس، وهو يستجدى الدم بأى شكل، وعلينا أن لا نمنحه ما يريده بأى حال من الأحوال!! وعلينا أن نحترس مما يجرى خارج مهرجانات التنطع، حيث يدفع اليأس بقيادات الإخوان إلى فعل أى شىء، من إشعال الفتنة الطائفية، إلى تخريب المنشآت العامة والخاصة، وهو ما ينبغى أن يواجه بتطبيق القانون بكل شدة وحسم.
تعرف قيادات «الإخوان» الآن أنها تعيش ساعات النهاية، المواجهة فى سيناء تقول لها إنه لا مستقبل للإرهاب وهم جزء منه، الخطاب السياسى للدولة صحح الخطأ وأوقف الضغوط الأجنبية لإنقاذ الإخوان، والأهم من ذلك كله أن كراهية الشعب تزداد كل يوم لهؤلاء الذين لم يكتفوا بعام أسود فى الحكم، فيواصلون الآن طريق الخيانة ويظنون أنهم سيفلتون من العقاب.
ما ينبغى أن يكون واضحًا هنا أن تجفيف منابع الإرهاب السلاح الأهم فى هذه المعركة، وهنا ينبغى أن تكون الرسالة واضحة لكل الأطراف العربية والإقليمية والدولية بأننا لن نتهاون مع أى محاولة لدعم عصابات الإرهاب، وفى مقدمتها الإخوان، والحديث هنا ينبغى أن يشمل الدعم المالى والسياسى والإعلامى، وعلى الجميع أن يفهم أننا قادرون على الرد، وأن ردنا سيكون موجعًا، خصوصا بعد أن تكشف أمامنا كثير من الحقائق والصفقات التى ستذاع قريبًا، وسيكون ثمنها فادحًا على أطراف دولية وإقليمية عديدة!!
تجفيف المنابع فى الداخل هو الأهم، وإذا كنا نعرف أن أموال الجماعة من الصعب الوصول إليها، فإن أموال القيادات والمساهمين فى تمويل الإرهاب والمصالح المرتبطة بهم معروفة ولا بد أن توضع تحت التحفظ. وهنا ينبغى أن يكون واضحًا أن الجماعة وقياداتها لا بد أن تتحمل المسؤولية الكاملة عن كل ما تفعله، بما فى ذلك تعويض أهالى «رابعة» و«النهضة» عن الأضرار التى لحقت بهم، وتوفير المساكن الملائمة لمن لا يستطيعون العيش هناك فى ظل الظروف القائمة، وبما فى ذلك أيضًا التعويضات المدنية لضحايا إرهاب الإخوان وتعذيبهم دون التنازل عن الجانب الجنائى الذى لا يمكن المساومة عليه تحت أى ظروف.
ينبغى أن تدرك جماعات الإرهاب، وفى مقدمتها «الإخوان»، أنها ستدفع الثمن الكامل لكل ما ترتكبه من جرائم، وينبغى أن يثق كل مواطن أن القانون يقف معه حتى يأخذ حقه كاملًا من الذين مارسوا معه القتل أو التعذيب أو ألحقوا به الأضرار المادية والأدبية، ينبغى أن يدرك كل من شارك فى تمويل الإرهاب أنه ارتكب جريمة لا بد أن يدفع ثمنها، تدرك قيادات «الجماعة» أن ما فعلته فى رابعة وغيرها لم يجلب عليها إلا المزيد من كراهية الشعب. تخشى هذه القيادات المجرمة من لحظة تقترب.. يكتشف فيها المخدوعون من الأنصار حجم الخديعة التى تعرضوا لها من قيادات احترفت الكذب وتزوير الحقائق والتآمر على الوطن.. ثم فى النهاية تطلب من الغلابة أن يعدوا الأكفان لأطفالهم الأبرياء، بينما يستعدون هم وأبناؤهم للهروب إلى فاصل جديد من تاريخهم فى الإرهاب.. وفى الخيانة!!