مسلسلات رمضان هذا العام لم تمر مرور الكرام كالعادة مثلما يحدث كل رمضان، ففجأة ظهر على الساحة جيش من النقاد تحرروا على صفحات «فيسبوك» أو التغريدات أو المدونات، مؤمنين أن مهنة النقد لا تستدعى أى مؤهلات من أى نوع أو خبرات خاصة، بل اكتفوا بالأحاسيس ورد الفعل للتعبير والتحليل والتقييم وبلا أى اعتبارات مهنية أو ضمير فنى هم فى الواقع لا يملكونه. أعترف أننى وجدت نفسى أنضم لأعضاء هؤلاء الثوار برتبة عريف، إما من أجل حماية زميل من محاولات اغتياله فنيا، وإما فرصة التعبير بلا خجل أو قيود لأعلن تحيزى التام نحو مسلسل جذبنى موضوعه وشخصياته، أو مسلسل آخر لمجرد أنه نال انتباهى. أعترف أيضا أننى جبنت عن الإفصاح عن إحباطاتى من مسلسلات أخرى لأسباب شخصية، حيث إن أى تقييم فهو سلبى مبنى على مشاهدات خاطفة أو عشوائية نتاج تجوال الريموت بين الفضائيات عفويا ودون تحكم. خطر ببالى الموجة الجديدة التى انطلقت من فرنسا فى أوائل الستينيات على يد نخبة من النقاد «تروفو - جودار - شابرول» تحولوا إلى مخرجين، وهل مصيرى فى الموجة القادمة للتحول من مخرج إلى ناقد لا سمح الله. الحقيقة أننى اكتشفت أن من مزايا لعب دور الناقد خصوصا الهاوى هو أنك تستطيع أن تضحك بصوت عال على أى موقف فى أى مسلسل، بالرغم من جديته أو تستهزئ من أى ممثل أو ممثلة بالرغم من معايشتهم لأدوارهم، خصوصا النجوم ذوى الأسنان الناصعة بياضا خارج مستواهم الاجتماعى فى الدراما. حرية مطلقة مستهترة أحيانا لانشغالها بالمكالمات الموبايلية أو سرقة لحظات نقر الرسائل الإلكترونية، أو صوت القرقشة فى أثناء قزقزة المكسرات الشامية بقايا رمضان الماضى، بينما موسيقى تتر ما لمسلسل ما ترافق هذا الصخب. تخيَّل كل هذه الأنشطة لا تمنع المسلسل من محاولاته المميتة لجذب انتباهك ومن أجل رضاك. أعترف أنه شر مطلق الاستمتاع بالإعلانات المكررة وسيل الشحاتة الرسمية باسم الجمعيات المتنوعة والأمراض المفجعة، أو أغانى شركات الاتصالات والمشروبات التى تُدعم تحطيم الفروق الاجتماعية فى كوبليه واحد. كل هذا المهرجان أو السيرك يمنح شرعية النقد والانتقاد دون أى ترخيص، سواء من نقابة أو جمعية أو اتحاد أو مؤسسة. الحرية والعدالة الاجتماعية التى قامت الثورة من أجلها تُمارس من على الكنبة وأمام شاشة التليفزيون دون رقابة وبلا حدود، وإذا وجدت الآراء والتعليقات طريقها على صفحات «فيسبوك» ووسط التغريدات أو لدى أصحاب المدونات فهى فى النهاية مجرد تفريغ طاقات مكبوتة فى زمن العجايب.
نقد رمضانى
مقالات -
نشر:
14/8/2013 3:59 م
–
تحديث
14/8/2013 3:59 م