القسم الثانى من رسالة المهندس عادل محمد إبراهيم ( a.i.khalil@hotmail.com) انتقد فيها الفريق الثانى فى المعادلة السياسية أى جبهة الإنقاذ، مثلما انتقد فى رسالته الأولى جماعة الإخوان المسلمين (نُشرت فى عمود الأمس) وقال:
1- إن جبهة الإنقاذ، ومعها كل من خرج من السياسيين كراهية فى الإخوان، يحاولون أن يجعلوا للجيش قدسية يختفون وراءها، ويمررون من خلالها كل ما يفعلونه من انتهاك لقواعد الديمقراطية المتعارف عليها تماما كما يفعل الإسلاميون من توظيف كلمة الإسلام لتعزيز مواقفهم ضد خصومهم، فتراهم دائمى التذكير بأن الجيش خط أحمر وأى انتقاد له ينزع عنك حب الوطن، وهم فى الحقيقة يدافعون عن قادة الجيش المتصدرين للمشهد. ولا أفهم هذا التشبيه بين السيسى وعبدالناصر فقد ألفوا أغانى فى حب الرجل لمجرد أنه عزل مرسى، فى حين لم يغن الشعب لعبدالناصر إلا بعد أن أمم القناة وبعد معركة بورسعيد وبناء السد العالى ومساندة ثورات التحرر.
وهنا لابد من أن نقول إن الشعبية التى حصل عليها السيسى رغم أنه، كما قال المهندس عادل، لم يؤمم قناة السويس ولم يخض معارك التحرر الوطنى، دلت على أن هناك قطاعا هائلا من المصريين اعتبر أن تدخل الرجل بعزل مرسى دون علم أمريكا أولا وعدم ترحيبها بتلك الخطوة ثانيا قد حرك فى الناس مشاعر وطنية حقيقية فى مواجهة أمريكا وحلفائها الإخوان.
2- لم يتنبه أحد للمعادلة الجديدة فى وضع الأقباط، فهم يرون أنفسهم جزءا أساسيا من الزخم الذى أسقط مرسى، وهم أسعدهم فشل الإخوان ووجدوها فرصة لقمع الإسلام السياسى بيد العسكر، فوجود حاكم مستبد يخشى الغرب سيضمن لهم بقاء الامتيازات التى نالوها (أى امتيازات فى ظل تعرضهم لاعتداءات متزايدة منذ عهد مبارك حتى الآن) حيث صارت الكنيسة دولة داخل الدولة تتولى أمر المسيحيين، كبيرهم وصغيرهم، مثقفهم والرجل البسيط منهم.
3- لو تمت خريطة الطريق وتمت انتخابات فأغلب الظن أنها ستكون من نوعية انتخابات مبارك، حيث كانت الانتخابات ونتائجها من اختصاص أمن الدولة من أول اختيار المرشح إلى اختيار القاضى الذى سيشرف على اللجان وتسويد البطاقات، والتدخل فى الفرز وإعلان النتائج، وسيكون أغلب الفائزين من فلول الحزب الوطنى محترفى التربيط فى الانتخابات.
4- حكومة حازم الببلاوى لا تختلف عن حكومة قنديل وعن حكومة عصام شرف فقد تجد وزيرا هنا أو هناك يتسم بالنشاط لكن العبرة بالأداء الجماعى، لن تفلح الحكومة فى تحريك الاقتصاد أو تلبية احتياجات الجماهير، فالشعب لن يلبث أن يكتشف أنه أسقط الحكومة الشرعية بحجة عدم الكفاءة فجاءته حكومة الإنقاذ المتعطشة للسلطة ورغبة فى اقتسام الغنيمة فيزداد تعاطف الناس مع الإخوان ولن تنفعهم مليارات دول الخليج التى ستضيع بالتأكيد فى الميزانية والرواتب والمكافآت، والسبب أن كل حكومة تهبط على دماغ الشعب المسكين بلا برنامج ولا خطة عمل ولا شفافية فى التعيينات، كلهم يحبون اختيار القامات المنخفضة فكريا وفاقدة الحماسة للبلد.
وإذا كان بعض ما جاء فى هذه الرسالة صحيحا، إلا أنها تنزع الشرعية عن خروج ملايين المصريين فى 30 يونيو، والقول بأن مرسى جاء بالصندوق لا يلغى أن حكم جماعته لم يكن له أدنى علاقة بالديمقراطية التى استلزمت خروج الناس وتدخل الجيش.
إن رفض جبهة الإنقاذ من عدمه أو دعم الحكومة من عدمه لا يعنى وضع كل أطراف جبهة الإنقاذ والحكومة فى سلة واحدة، ولا يعنى أن مصر لم تكن فى حاجة إلى مسار بديل لحكم الإخوان يتمثل فى الانتخابات الرئاسية المبكرة التى رفضها مرسى، فكان البديل هو خلق مسار جديد يمكن تعديله أو تحسينه، ولكن لا يمكن التراجع عنه لصالح رئيس رفضته مؤسسات الدولة ومعظم أفراد الشعب.